كتاب بيان العلم الأصيل والمزاحم الدخيل

المؤمنين، فقال: ما ثبات الدين وزواله؟ فقال له: ثبات الدين الورَع وزوَاله الطمع، فقال له: قُص فمثلك يقص. (¬1)
قال سري السقطي: كيف يستنير قلب الفقير وهو يأكل من مال مَن يَغُشّ في معاملته. انتهى
المراد بالفقير هنا السالك إلى الله إذْ أن أهمّ شيء ينبغي أن يهتم به هو النظر في مَأْكَله فمدار استنارة القلب وطمأنينته عليه، ولقد كان اهتمام السلف بذلك كبير، ورعايتهم له عظيمة.
قال ذو النون المصري للعلماء: أدْركنا الناس وأحدهم كلما ازداد علماً ازداد في الدنيا زهداً وبغضاً وأنتم اليوم كلما ازداد أحدكم علماً ازداد للدنيا حبا وطلباً ومزاحمة. انتهى
وإن أمر زماننا مكشوف لا يحتاج إلى بيان حيث انعكس الأمر عما كان عليه السلف، ولذلك قَلَّ تأثير العلم في القلوب.
وقال ذو النون المصري للعلماء: أدركناهم وهم ينفقون الأموال في تحصيل العلم وأنتم اليوم تنفقون العلم في تحصيل المال. انتهى
إن مثل هؤلاء كمن يسْتبدل بَعْرة بِدُرَّة، بل أعظم من ذلك، فالعلم إذا أُنفق لتحصيل المال والرياسة صار كَوَادٍ أُجْرِيَ في غير مجراه الذي يُنتفع به فأهلك الحرث وهدم البناء.
¬_________
(¬1) شرح حديث أبي الدرداء، ص54.

الصفحة 19