كتاب علم البيان

وما ذاك بخلا بالحياة، وإنها … لأول مبذول لأول مجتد (¬1)
وما الأسر مما ضقت ذرعا بحمله … وما الخطب مما أن أقول له: قد (¬2)
ولكنني أختار موت بني أبي … على صهوات الخيل غير موسد (¬3)
نضوت على الأيام ثوب جلادتي … ولكنني لم أنض ثوب التجلد (¬4)
دعوتك والأبواب ترتج بيننا … فكن خير مدعو وأكرم منجد
أناديك لا أني أخاف من الردى … ولا أرتجي تأخير يوم إلى غد
ولكن أنفت الموت في دار غربة … بأيدي النصارى الغلف ميتة أكمد (¬5)
فلا كان كلب الروم أرأف منكمو … وأرغب في كسب الثناء المخلد
متى تخلف الأيام مثلي لكم فتى … طويل نجاد السيف رحب المقلد؟
فإن تفقدوني تفقدوا شرف العلا … وأسرع عواد إليها معود
وإن تفقدوني تفقدوا لعلاكمو … فتى غير مردود اللسان ولا اليد
يدافع عن أعراضكم بلسانه … ويضرب عنكم بالحسام المهند
¬__________
(¬1) لأول مجتد: لأول سائل أو طالب.
(¬2) قد هنا: اسم بمعنى حسبي، وتستعمل للمخاطب كذلك فتقول: «قدك» بسكون الدال بمعنى «حسبك».
(¬3) صهوات: جمع صهوة، وصهوة كل شيء أعلاه، وهي هنا مقعد الفارس من ظهر الفرس.
(¬4) نضا الثوب ينضوه: خلعه وألقاه.
(¬5) الغلف: جمع أغلف، يقال قلب أغلف، أي أصم أو عليه غشاء عن سماع الحق وقبوله، وهو قلب الكافر.

الصفحة 227