كتاب الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور

وأما المشككة فهي كل اسم دل على شيئين فصاعداً، بمعنى هو واحد في نفسه، لكن يختلف ذلك المعنى فيها من جهة أخرى، كالتقدم، والتأخر، والأشد والأضعف. أما التقدم والتأخر فكالوجود للجوهر قبل العرض وأما الأشد والأضعف فكالبياض الواقع على الثلج والعاج، فإن الثلج أشد بياضاً من العاج.
وأما المتشابهة فهي الأسماء التي لا يجمعها معنى واحد، لكن بينها تشابه ما، من حيث ذاتها، كالطين المصور على صورة الانسان، اذ يطلق لفظ الإنسان عليه، وعلى الإنسان الحقيقي، بطريق المشابهة لا بطريق التواطؤ، لأنهما مختلفان في الحد والحقيقة. هذا ما ينبغي ذكره في الأسماء وانقسامها في الدلالة على المعاني، فاعرفه.
وأما النوع الثالث: فهو معرفة أمثال العرب وأيامهم فإن مؤلف الكلام شديد الحاجة إلى ذلك، وذلك أن العرب لم تضع الأمثال إلا لأسباب أوجبتها، وحوادث اقتضتها، فصار المثل المضروب لأمر من الأمور عندهم كالعلامة، التي يعرف بها الشيء. وليس في كلامهم أوجز منها، ولا أشد اختصاراً. وسبب ذلك ما أذكره لك، لتكون من معرفته على يقين. فأقول: قد جاء عن العرب من جملة أمثالهم (أن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر). وهو مثل يضرب للأمر الظاهر المشهور، والأصل فيه:
قال المفضل بن محمد: إنه بلغنا أن بني ثعلبة بن سعد بن ضبة في الجاهلية تراهنوا على

الصفحة 15