كتاب الحذر من السحر

ومنها كذلك: الفساد، [تقول: طعام مسحور، إذا أُفسِد عملُه، ونَبْت مسحور: مفسود، وأرض مسحورة: أصابها من المطر أكثر مما ينبغي فأفسدها، فهي لا تُنبِت، وغيث ذو سِحْر إذا كان ماؤه أكثر مما ينبغي، وسَحَر المطرُ الطينَ والترابَ سِحْرًا: أفسده، وتقول غنم مسحورة: إذا كانت قليلة اللبن] (¬1) ، وأخيرًا من معاني السحر: العِضَه، والعِضَهُ عند العرب: شدة البَهْت وتمويه الكذب، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: كنا نسمّي السحر في الجاهلية: العِضَه. وقال الشاعر:
أعوذ بربّي من النافثا
تِ في عِضَهِ العاضِهِ المُعْضِه] (¬2)
والمعنى: ألتجيء إلى الله تعالى وأستجير به من شر السواحر اللواتي ينفثن في كذب الساحر وبهتانه في عُقَده، والله أعلم.
[ثم السِّحْرُ يُطلق ويُراد به الآلة التي يُسحر بها، سواء كانت معنوية كالرقى والنفث في العقد، أو حسية كتصوير الصورة على صورة المسحور (¬3) ، وتارة يطلق ويراد به فعل الساحر] (¬4) .
هذه معان خمسة للسحر في أصل اللغة، أوردتُّها من أجل أن يعاين القارئ ما حوته مادة هذا اللفظ من خفاء وتمويه وخداع وتخييل وفساد وكذب وبَهتٍ، فالسحر - حتى في أصله اللغوي - مبني على خلاف الحق والظهور والصدق والصلاح، فمعانيه لغةً متناسبة تمامًا مع ما سيأتي حالاً من معنىً للسحر شرعًا.
¬_________
(¬1) انظر: أضواء البيان للعلاّمة محمد الأمين الشنقيطي (4/482) .
(¬2) انظر: تفسير القرطبي (2/44) .
(¬3) وهو المسمّى - عند السَّحَرة - بالشِّعباذ.
(¬4) انظر: الفتح لابن حجر (10/233) .

الصفحة 77