كتاب فكرة الإفريقية الآسيوية

اليقظة الروحية بتأثير راما كريشنا ( Rama Krishna) وفيفي كاناندا (¬1) ( Vive Kananda) وبلغت أوجها في مبدأ (عدم العنف) بتأثير غاندي.
ومما له دلالته هنا أن يستهل المهاتما مهمته السياسية بتفكيره في البهاجافاد جيتا مع محاولة أصيلة لتفسير نصها تفسيراً روحياً، وهو النص الذي يبتدئ (بدروس في السلاح) يلقيه كريشنا على تلميذه أريونا ( Aryouna) ، فغاندي حين يستبدل المعنى الرمزي بالتفسير الحرفي يرى أن الميدان الحقيقي للمعركة ليس في الساحة التي يصارع فيها أريونا إخوته، بل في النفس الإنسانية ذاتها، في ميدان المعركة الداخلية، حيث يجب أن تنتصر (الذات) العليا (للغرائز السامية) المتجسدة في أريونا على تلك الغرائز الدنيا. فبماذا يمكن أن تفسر هذه الثورة ((الروحية)) إن لم تفسر بتأثير الثقافة الغربية على روحية غاندي، وذلك حين وجد فيها دوافع، وعناصر ذاتية تغير موقفه تماماً أمام النص المقدس. وهذا التغيير الذي يحرر صاحبه من النص والحرفية يجعل من الإخلاص الذاتي المقياس الجوهري لموقف الرجل أمام (القانون)، وما كان لموقف كهذا أن يتصور في تاريخ الهندوسية قبل غاندي الذي يظهر تماماً أنه استمد خميرته الثورية من طينة الغرب الروحية. وهذا التغيير في موقف الرجل أمام القانون ((يتجلى في إطار آخر، هو إطار قضية المنبوذين، وإنا لنذكر حقاً، وبلا تردد أن الاستعمار لم يغير البناء الاجتماعي الذي وجده في الهند، بل هو قد كبر حجمه حين وضع طائفة الفاتحين الغزاة فوق الطائفة التقليدية السائدة، تاركاً مشكلة المنبوذين الأليمة كما هي. ولكن مما لا شك فيه أن الثقافة الغربية قد أرهفت الضمير الهندي في هذا المجال.
وبفضل التطور العقلي والأخلاقي الذي يدين به الضمير الهندي لهذه الثقافة واجهت الهند المشكلة في دستورها المعمول به منذ السادس والعشرين من يناير (1950 م).
¬__________
(¬1) من زعماء النهضة الدينية في الهند في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، وهو من التلاميذ الروحيين لراما كريشنا.

الصفحة 261