كتاب سوس العالمة

أمَّا بعد: فلا زائد إلا أننا توقفنا في مسائل أعضلت، وتلوت مسالكها وأشكلت، فليتفضل الشيخ بأن يرعيها بصره، ثم يكتب إلينا في ذلك نظره، وليدع لنا سيدي بِحسن العقبى، فإن البضاعة مزجاة، لا ترجى منها مداجاة، والسلام على من ضمه مَجلسكم الكريم، من العلماء اللهاميم».
ويقول ابن الحاج الإفراني واصفا ولبعضهم فيها ذيل:
أولوز أرض حَماها الله من عاد ... برأس واد سقاه الله من وادي (1)
قطر بَهيج بأعلى سوس منظره ... أبْهَى من الْحوز عند الرائح الغادي
جلست فيه أصَيْلانا وقد صبغت ... فيح الفجاج لدى الغروب بالْجادي (2)
أمزج بالراح منه الراح فاكتسبت ... لونا وطعما غريبا غير معتاد
في روضة من رياض الخلد باكرها ... صوب الغمام بإبراق وإرعاد
ظللت فيها رخي البال مغترفا ... من نعم سابغات ذات إمداد
حتى تقضيت من شرب الغبوق مني ... فقمت عن شاكر لله حَماد
وكتب إلى بعض أشياخه بعد ما عزم على مفارقة من شارط عندهم:
«أمَّا بعد: فقد عولت أن أقوض الخيام، من عند هؤلاء الأقوام، بعد ما صار صيبهم إلى الجهام، وصار صارمهم إلى الكهام (3) فلا خير في عيش يتمصصه الأبي من بين أشداق الملتهمين، ولا في حياة قنوع غير جسور بين متلمظين نَهمين، فالمشاكلة في الأوصاف، شرط في المعاملة بإنصاف، فكيف مثلي بين لئام رُضَّع؟ (4) والطير إنَّما هي على ألافها وقع، وركوب الجنائز، والتلف في المفاوز، على كاهل المعاوز (5) أدنى إلى من إعادة الشرط مع هؤلاء، والصبر مع أنذال جهلاء.
فما للمرء خير من حياة ... إذا ما عد من سقط المتاع
__________
(1) أولوز: مكان يبعد عن تارودانت بأكثر من (100) كيلومتر وكان محل رياسة مثرية ينزل عند أهلها شاعرنا.
(2) الجادي: الزعفران.
(3) الجهام بالفتح: السحاب الذي هراق ماءه، والكهام بالفتح أيضًا: السيف الذي لا يقطع.
(4) الرضع بضم فمشدد مفتوح: هو جمع اللئام.
(5) الأعواز: الفقر.

الصفحة 112