كتاب سوس العالمة

وقال من قصيدة طويلة يُخاطب الشيخ أبا العباس الجشتيمي يذكر ما يُهدد المغرب من الاحتلال سنة (1325هـ):
فيا بدر أفق يا ليث غابه ... ويا غوث ملهوف ويا خير مُنجد
تدارك ذماء الدين واسمع صريخه ... وشمر إلى نصر الْهُدى وتَجلد (1)
فقد أنشب الكفر المداهن نابه ... ومد إلى سرح الْهُدى كف مفسد (2)
وكاد بأنواع المكايد أهله ... وصار يُنادي خامري وتلبدي (3)
أسر احتساء في ارتغاء وما له ... سوى الدين من مرمى يُرام ومقصد (4)
وقد بلغ السيل الزبى بظهوره ... وإن لَم يداو العر بالكي يزدد (5)
فقد طبق الصحراء بالنحس شؤمه ... وأعدى نواحي التل بالخبث الردي (6)
وجاش على هذي السواحل كلها ... ببحر سفين بالقوارب مزبد
وغص به الدين الحنيفي فاكتسى ... لِما يشتكي من بثه ثوب مكمد
شجاه الأسى من فقد حر يهمه ... فكاك ذماه من يد المتمرد
يقود إليه كل أصيد قارم ... للحم العدا مخشوشن متمعدد (7)
يُجاهد في الله العظيم عدوه ... بأقدام ليث في الكريهة محرد (8)
يشب لظى الهيجاء بقلب مشيع ... وكف بصير بالطعان معود (9)
وإطراق ثعبان وكيد ثعالة ... وتصميم فهد في جراءة فرهد (10)
ويُختال ما بين الصفوف كأنه ... عروس تَهادى بين خود وخرد (11)
على كل طرف سابح ومطهم ... قوي القَرَا عبل كصرح مُمَرد (12)
ببيض سيوف أو بسمر مدافع ... مزلزلة أن يبرق السيف ترعد
__________
(1) الذماء بالفتح: بقية الروح.
(2) سرح الهدى: مسروحه، وسرح الغنم: رعاها.
(3) يقول الصياد للضبع: خامري وتبلدي، يلايها بذلك فتهدأ حتى يأخذها باليد.
(4) مثل مشهور، وهو (يسر حسوا في ارتغاء) ورغوة اللبن: ما علا صريحه.
(5) يقال بلغ السيل الزبي: أي اشتد الأمر وانتهى إلى غاية بعيدة، والعر بالضم والفتح: الجرب.
(6) التل: يطلق على الأطلس الصغير.
(7) الأصيد: الرجل الذي يرفع رأسه كبرًا، وقارم مشتق من قرم كسمع يسمع اللحم: إذا اشتدت شهوته له، وفي آخر البيت إشارة إلى قول عمر - رضي الله عنه -: "تمعددوا واخشوشنوا فإن الحضارة لا تدوم" أي تشبهوا بمعد بن عدنان في عدم الرفاهية.
(8) محرد غضبان.
(9) مشييع على صيغة اسم مفعول: شجاع.
(10) الفرهد: الشاب الممتلئ القوي.
(11) خود كعود ج خود كخمر: المرأة الشابة، والخرد ج خريدة: البكر لم تمس قط أو الحيية الطويلة السكوت.
(12) الطرف بالكسر: الفرس الكريمة، مطهم: أي جواد تام الحسن، القرا بالفتح: الظهر.

الصفحة 115