كتاب سوس العالمة

وأصبح سكانها في ذهول ... كأنْ لَم يكن بينهم من رجال
وقد استبيحت بسائطهم ... ودب العدو لصوب الجبال
هناك بدا منكمُ يا بني الر ... سول مداعسة والنِّزال (1)
تَماسون أهل الصليب كما ... تفادونَهم بالظبا والإلال (2)
فرد إلى نَحرهم كيدهم ... بِحرب زَبون وكيد مطال (3)
وجند قوي وبأس شديد ... ورأي مُطاع ونسج احتيال
وأس الحروب على خدع ... تصيد الأسود بِحوك السلال
فطهرت الأرض من رجسهم ... بعزم بني المصطفى خير آل
فنلنا الأمان على ديننا ... وأبنائنا وخدور العيال
جزيتم بني المصطفى بالتي ... يُجازى بِها مَن يقيم المُمَال
فلا زلتمُ في ذرى عزة ... تصون مَهابتكم والجلال
ولسعيد الْحَامدي بين القصائد التي وقفنا عليها قصيدة طنانة، يعتنى بها في سوس، فتشرح وتُدرس، يقول في غزلِها، وهي في مُحمد الشيخ:
إذا طيفها بالوجد ضافك لَم تكن ... لتقريَ إلا بالدموع السواجم (4)
تبدت كلمح البرق ثُم تبرقعت ... وأغرت دموعي بالشئون الشوائم (5)
فكم لوعة تنتابني وكأنّما ... يسامرني منها سمير الأراقم (6)
ألام على حبي سعاد وليتنِي ... حشوت غضا صدري صدوراللوائم
رأيت طريف الحب يقتل داؤه ... فقل في تليد ذقتُه متقادم
ويقول في مديحها:
أمام إمام عوَّد الطعن بالقنا ... وعلَّم حد السيف حز الغلاصم (7)
إذا ما الكماة ملت الطعن في القفا ... أمل عليهم ضربها بالصوارم (8)
__________
(1) المداعسة: المحاربة.
(2) الظبا: جمع ظبة: حد السيف، ولإلال ج آلة بالكسر: الحربة.
(3) حرب زبون: شديدة تدفع بعضها بعضًا من الكثرة.
(4) سجم الدمع: سال.
(5) شامة: لمحة بالطرف، والشؤون: مجاري الدموع.
(6) الأراقم: الأفاعي، وفي ذلك تلميح لقول النابغة:
فبت كأني ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم نافع
(7) الغلصمة: الحلقوم، والحَزُّ: القطع.
(8) أمل أملي، والكمأة: الشجعان، والصوارم: السيوف.

الصفحة 69