كتاب سوس العالمة

فملء يديك من معارف جَمة ... ومن أعطيات من يدي غير منان
فأين ابن شوز منه أين جليسه، ... من الجالس البحر الخضم ابن هتان؟ (1)
نراه وديعا بيننا غير أنه ... يثور إلى الْهَيجا كشمَّار أسنان
عليك به في السلم واحذر إذا بدا ... دعاس الوغى منه فَدوكَس خفان (2)
لأصحابه أزهاره وثِماره ... وأشواكه يوم النِّزال لأقران
فسل عنه أبناء الصحاري وسكان ... التـ ـتنان وزيدانا وأبناء زيدان
فعندهمُ عنه حديث مسلسل ... هزائِمهم ترويه عن كل ميدان
إذا احتفلوا واستجمعوا من قواهمُ ... بدا منه فردا نَحوهم خير مطعان
يصاولِهم من كل جنب بعركة ... مفتتة الأضلاع أبرغ فرسان
تكون له أرواحهم ولِجنده ... فساطيطهم. والخيل قيدت بأرسان
ويقول عبد الله بن يوسف الوَداتوني في المولى إسْمَاعيل بعد رجوعه من الصحراء سنة (1089هـ) نأتي بالقصيدة برمتها؛ لِمَا تدل عليه من تَمكن في غريب اللغة مع البلاغة:
هواي على تلك المهاري الرواسم ... بتلك الخدور المائلات القوائم (3)
صمدن إلى نَحر الفلا بدجنة ... مَجررة أذيالَها بالقواتِم (4)
تبدت من آفاق الْهِضَاب كأنّما ... تسوق رياح عاكرات الغمائم
كأن أعالي الْخُدور نواصعا ... بياضا ظهور الورق بين الْحَمائِم
كأن بروق الْجو يبرقن فوقها ... توالي ابتسامات الثغور البواسم
كأن سراب الدو يلمع بينها ... وقد مد نور الشمس فوق الرواسم (5)
رجاء خلال الْجيش جيش مظفر ... تضم خوافيه خيار الْمَقادِم (6)
تَحوم أمانيَّ الورى فوق جوه ... كطير إذا ما سار سرن حوائم
يبين أمير المؤمنين أمامه ... كساع بتبشير الأهالي بقادم
يصون طليعات الْخَميس ببأسه ... كما صين ريش مُختف بالقوادم (7)
__________
(1) قال الشاعر:
غدَوت جليس قعقاع بن شوْر ... وهل يشقى لقعقاع جليس؟
ضحوك السن أن نطقوا بخير ... وعند الشر مطراق عبوس
(2) الفدوكس بفتحتين فسكون ففتحة: من أسماء الأسد، وخفان بالفتح مشدد: محل معروف بالأسود.
(3) المهرية نوع من جياد النوق، والرسيم نوع من السير المسرع.
(4) الدجنة بضمتين: الظلمة، والقوائم: المظلمات.
(5) الدو: الفلاة.
(6) جمع: مقدم.
(7) الخميس الجيش، والفوادم من الجناح: الريشات الظاهرة من الجناح، عكس الخوافي.

الصفحة 72