كتاب سوس العالمة

خَميس تضيق الفيح من جنباته ... كما امتد دون السَّيف خُضْر الْخَضارم (1)
حدائق أبطال سَنّورها لَها، ... بِخضرته مثل الْحقول النواعم (2)
وشائعها عند الْحُدود مُسوَّر ... من الأسل العسال بين الصوارم (3)
معودة شجعانه في لقائهم ... كلوم العدا بين القفا واللهازم
إذا ما نَجا صوبا فمد جناحه ... وأكنافه في صُلَّبَات البَلادم (4)
وقد ماج بالسمر اللدان الطوال، إذ، ... تصافح راحات السما بالبراجم
تقدمه نَحو الأعادي. وإن هُمُ ... من العز والعلياء أبناء دارم
عرمرم جيش الروع يوقع بالعدا ... ولَمَّا يُلاقوا الْحَرب شر الْهَزائِم
يقلقهم حتى يغادر هامهم ... بِما خامر الألباب ميل العمائم
فمن يَجده منهم تَجلَّده فما ... حَمائله إلا خيوط التمائم
يساق بِخوف مزعج ولربما ... يسوق حِمارا خوفه للضراغم (5)
فيغدو بنحس العضب يصدى صقيله ... ويُمسي بسعد الطائرات الْحوائم
ألا أيها العربان ماذا لقيتمُ ... من أروع خواض الدجى والسمائم؟
حسبتم فساح البيد تفلت جمعكم ... وقد طاردتكم ضاريات القشاعم (6)
أردْت لكم تلك الفجاج كأنّها ... سِمام خِيَاط حين تُغْشَى بعارم
يُخامركم طوفان بأس فلا يقي ... خيامكمُ من سيله أيّ عاصم
إذا حَم أمر لا طواسين سدَّه ... ولا عاصمات منه آي الْحوامم (7)
سدمتم وقد نادى الردى في خيامكم ... وقرَّعتمُ مِما عرا سن نادم
ولكن على الباغي تدور الرحى إذا ... تَحرش بالوَرد العبوس الطخارم (8)
...
هنيئا أمير المؤمنين بأوبة ... منَ ارض المنايا والردى والملاحم
فضضت بِها بكرا تساء بعضلها، ... وجارتها بالزف وسط المراحم
فلم يك كفئا للغواني سوى فتى ... يقود لَها مَهر العلا بالعظائِم
عزمْتَ فنلت الفتح فذّا موفرا ... على قدر أهل العزم نيل العزائم (9)
__________
(1) سيف البحر بكسر السين: شاطئه، والخضرم: البحر العظيم.
(2) السنور بفتح السين والنون والواو المشددة المفتوحة: درع الحرب.
(3) الوشيع: ما يجعل حول الحديقة ليصونها من الشوك وغيره لمنع الداخلين.
(4) البلدم بفتحتين بينهما ساكن: مقدم الصدر، وصلب كسكر: صليب.
(5) الضراغم: الأسود، قال: (والعير يُقْدِم من خوفٍ على الأسَدِ).
(6) القشعم: المسن من النسور.
(7) في البيت ملاحظة البيت المشهورة لمحمد بن طلحة:
يُذْكرني حاميمَ والرمح شاجر ... فهلا تلا حاميم قبل التقدم
(8) بضم الطاء: الغضبان، ويعني بالورد بالعبوس: الأسد.
(9) تضمن لشطر من مطلع قصيدة للمتنبي مع تغيير قليل فيه.

الصفحة 73