كتاب الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام

كلامك على شَرط السبر والتقسيم ونهجت مَنْهَج النّظر القويم والا فَبِمَ تنكر على الدهرى حَيْثُ يَقُول لَا أسلم أَن الْعَالم مَخْلُوق وَبِمَ تنكر على الفلسفي حَيْثُ يَقُول أسلم أَنه مَخْلُوق لَكِن لَا أسلم أَنه مُحْتَاج إِلَى خَالق مخترعه بعد الْعَدَم وَبِمَ تنكر على الطبيعي حَيْثُ يَقُول لَا يحْتَاج عَالم الطبائع إِلَى خَالق ذِي قدرَة وَعلم وَإِرَادَة وحياة ثمَّ لأي شَيْء تحكمت وَقلت إِنَّهَا ثَلَاثَة فلعلها أَكثر أَو أقل وَلَا بُد لَك من معرفَة إبِْطَال مَذَاهِب هَؤُلَاءِ بالبرهان وَحِينَئِذٍ تحصل على مرتبَة الإيقان وَهَذَا لَيْسَ بغشك فاضطجع على نمشك ... خلى الطَّرِيق لمن يبْنى الْمنَار بِهِ
واقعد ببرزة حَيْثُ اضطرك الْقدر ...

وَأما قَوْلك فَإِنِّي أَسأَلك إِن كَانَت أَسمَاء لذاته أَو أَسمَاء لأفعاله فَإِن قلت هِيَ أَسمَاء لذاته هِيَ أَسمَاء لذاته فقد نقضت وجعلتها أَسمَاء للذات وَوَقعت فِيمَا أنْكرت من الْجِسْم فسؤال لَا يسْتَحق أَن يسمع وَلَا لصَاحبه فِي الْعقل مطمع قسمت وسبرت وَبقيت عَلَيْك أَقسَام وَمَا شَعرت إِذْ لقَائِل أَن يَقُول لَيست هَذِه الْأَسْمَاء من أَسمَاء الذَّات وَلَا من أَسمَاء الْأَفْعَال بل هِيَ قسم آخر وَهُوَ أَسمَاء الصِّفَات والتقسيم مَتى لم يكن دائرا بَين النفى وَالْإِثْبَات فَهُوَ معرض للنقوض والآفات ثمَّ أطرف من العنقاء شرعة فِي أول كَلَامه فِي المسميات ثمَّ أَخذه فِي الْكَلَام فِي الْأَسْمَاء وَلم يفرق بَين الإسم والمسمى فَهُوَ جَاهِل أعمى
ثمَّ انْظُر بله هَذَا السَّائِل وَعدم حسه فَلَقَد خرج بجهله عَن أَبنَاء جنسه كَيفَ قَالَ فَإِن قلت هِيَ أَسمَاء لذاته فقد نقضت وجعلتها أسما للذات وَأي فرق بَين قَوْله فِي الْمُقدم وَبَين قَوْله فِي التَّالِي وَهل هَذَا إِلَّا بِمَثَابَة من يَقُول إِن قلت هَذَا الْيَوْم نَهَارا فقد نقضت وَجَعَلته نَهَارا
فَمَا أعرفك يَا هَذَا بنتيجة الشرطى الْمُتَّصِل وحدوده وبحد النقيض وشروطه فَلَو استرزقت الله عقلا لَكَانَ الأحرى بك من الْكَلَام فِي المعتقدات وَالْأولَى ثمَّ أعجب من ذَلِك كُله أَنَّك لَزِمت من قَالَ إِن الْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة أَسمَاء للذات القَوْل بالتجسيم وَهَذَا نتيجة الْجَهْل الصميم والفهم الْمُسْتَقيم وَهَذَا من أَيْن يلْزم

الصفحة 59