كتاب المحنة وأثرها في منهج الإمام أحمد النقدي

مجالاته - ما صاحبه من تعكير صفوه بتأثير الفرس والروم السيء سياسةً وفكرًا وعقيدةً، وزاده سوءًا ما عُرب من كتبهم وكتب اليونان والهند، فابتليت الأمة بفتنة عمياء ومحنة شنعاء ألا وهي: «محنة القول بخلق القرآن» والتي حُمِلَ الناس على القول بها (¬1).
وقد ابتدأها الخليفة العباسي المأمون؛ وذلك بعد أن استحوذ المعتزلة عليه فأزاغوه، وزينوا له هذا المذهب الفاسد، ولم يكن خليفة من الخلفاء قبله إلا وهو على مذهب السلف ومنهاجهم القويم (¬2).
وبعد تولي المأمون الخلافة سنة (198 هـ)، ظهرت الدعوة إلى القول بخلق القرآن؛ بسبب تقريبه لأهل البدع والاعتزال، من أمثال أحمد بن أبي دُؤَاد (¬3)، الذي كان رأس الفتنة
¬_________
(¬1) ينظر: السير (11/ 236 - 237)، والبداية والنهاية (14/ 396)، والجوهر المحصل ص (62).
(¬2) ينظر: المناقب ص (385 - 386)، والسير (11/ 236)، والبداية والنهاية (14/ 396).
(¬3) هو: أحمد بن أبي دؤاد بن جرير أبو عبد الله الإيادي القاضي، قال الخطيب في تاريخ بغداد (4/ 141): «كان موصوفًا بالجود والسخاء، وحسن الخلق، ووفور الأدب، غير أنه أعلن بمذهب الجهمية، وحمل السلطان على الامتحان بخلق القرآن»، وقال الذهبي في العبر (1/ 431): «كان فصيحًا مفوهًا، شاعرًا، جوادًا، ممدحًا، رأسًا في التجهم، وهو الذي شغب على الإمام أحمد بن حنبل، وأفتى بقتله، وقد مرض بالفالج قبل موته بنحو أربع سنين، ونكب وصودر» وقال في ميزان الاعتدال (1/ 97): «جهمي بغيض»، توفي سنة 240 هـ.

الصفحة 12