كتاب المحنة وأثرها في منهج الإمام أحمد النقدي

المأمون - فحمدت الله وظننت أنه الفرج، إذا رجل قد دخل فقال: إنه قد صار مع أبي إسحاق المعتصم رجل يقال له: ابن أبي دؤاد، وقد أمر بإحضاركم إلى بغداد، فجاءني في أمر آخر فحمدت الله على ذلك، وظننت أنا قد استرحنا حتى قيل لنا: انحدروا إلى بغداد» (¬1).
فجيء بأبي عبد الله مقيدًا حتى أدخل السجن، فكانت بداية هذه المحنة العظيمة في هذه السنة - أعني: ثماني عشرة ومائتين - (¬2).
فتولى بعد المأمون المعتصم، فاقتفى أثر سابقه واستفحلت المحنة بعد توليه الخلافة، فلم يكتفوا بإدخال الإمام سجن بغداد، بل أنالوه الأذى وضربوه ضربًا شديدًا حتى تخلعت يداه، والإمام صابر يناظر ويحتمل صنوف الأذى مع سجن دام نحوًا من ثمانية وعشرين شهرًا، وقيل: نحوًا من ثلاثين شهرًا، وناظروه طويلاً فلم يستطيعوا له تحويلاً ولا صرفًا إلى بدعتهم، بل كان يسكتهم بقوة حجته، وشدة يقينه وإيمانه،
¬_________
(¬1) ذكر محنة الإمام أحمد ص (39)، وينظر: محنة الإمام للمقدسي ص (51 - 52)، والبداية والنهاية (14/ 396 - 367)، والجوهر المحصل ص (66 - 72).
(¬2) ينظر: سيرة الإمام أحمد ص (48 - 49)، والمناقب ص (387 - 393)، والبداية والنهاية (14/ 396 - 397)، والجوهر المحصل ص (66 - 72).

الصفحة 16