كتاب المحنة وأثرها في منهج الإمام أحمد النقدي

وثبات قلبه، فلما رأى الخليفة المعتصم إصراره وعدم تزحزحه عن قوله أمر بضربه بين يديه فطاله الأذى العظيم، حتى لقد قال أحد الجلادين: «لقد ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطًا، لو ضربت فيلاً لهدته» (¬1).
وفي شهر رمضان من سنة إحدى وعشرين ومائتين أمر الخليفة بإطلاقه، ففرح المسلمون بخروجه وأقام في بيته يتعالج من آثار الضرب الشديد حتى شفاه الله، وبعد برئه باشر التدريس والفتوى وحضور الجمعة والجماعة حتى مات المعتصم سنة سبع وعشرين ومائتين.
فيكون الإمام قد مكث في السجن منذ أُخِذَ وحُمِلَ إلى المأمون إلى أن ضربه المعتصم وخلى عنه سنتين وأربعة أشهر (¬2).
ثم ولي الواثق بالله الخلافة بعد أبيه المعتصم، فأظهر ما أظهره سلفه من حمل الناس على القول بخلق القرآن والانقياد لما يمليه عليه رأس المعتزلة وأحمدُ البدعة ابنُ أبي دؤاد.
¬_________
(¬1) المناقب ص (412)، وينظر: سيرة الإمام أحمد ص (51 - 65)، والمحن لأبي العرب التميمي ص (435 - 438)، والمناقب ص (397 - 420)، والجوهر المحصل ص (72 - 93).
(¬2) ينظر: المناقب ص (421 - 428)، ومحنة الإمام أحمد للمقدسي ص (73 - 131)، والسير (11/ 263)، والبداية والنهاية (14/ 397 - 403).

الصفحة 17