كتاب المحنة وأثرها في منهج الإمام أحمد النقدي

ترك التحديث عمن أجاب بعد المحنة وإبقاء ما حدَّث به عنه قبلها:
وهذا كان من الإمام أحمد - فيما وقفتُ عليه - في راوٍ واحدٍ وهو الإمام الحجة المتقن علي بن عبد الله بن المديني (ت 234 هـ).
فالإمام رحمه الله روى عنه قبل المحنة، فلما حصلت ترك الرواية عنه في أثنائها وبعدها، لكنه لم يضرب على حديثه جملةً كغيره لجلالته وعظيم منزلته في هذا الشأن؛ ولذا وجد لابن المديني في المسند أكثر من خمسة وستين حديثًا.
وقد ورد التصريح في ثلاثة مواضع من المسند على أن روايته عنه كانت قبل المحنة، وسيأتي مزيد بسط لذلك عند الكلام على موقف أحمد من ابن المديني تفصيلاً.
الضرب على حديث بعض الرواة وتركه مطلقًا.
وهذا الصنيع كان من الإمام مع جملة من الرواة، فيهم كبار أئمة وأساطين رواية؛ كابن معين، وعلي بن الجعد، وأبي نصر التمار، وغيرهم.
قال أبو الفضل صالح ابن الإمام: «وضرب أبي على حديث كل مَنْ أجاب» (¬1).
¬_________
(¬1) سيرة الإمام أحمد لابنه صالح ص (74).

الصفحة 26