كتاب المحنة وأثرها في منهج الإمام أحمد النقدي

كلامه في الواقفة (¬1):
المقصود بالواقفة الذين لم يفصحوا في المسألة نفيًا أو إثباتًا، فلم يقولوا: القرآن غير مخلوق، ولا: مخلوق، وهؤلاء منهم من وقف مطلقًا ولم يصرحوا بشيء مدعين أن الأمر لم يتبين لهم، وهذا الصنف يسمون عند السلف: الشاكة، وقد عدَّهم الإمام رحمه الله جهمية، وصرح بكفرهم في بعض الروايات عنه، ولم يعذرهم بهذه الحجة الواهية؛ لأن الأمر أوضح من أن يشك فيه، وبعضهم ربما اتخذ ذلك ذريعة إلى التستر بالقول بخلق القرآن.
قال عبد الله ابن الإمام أحمد: «سمعت أبي رحمه الله يقول: من كان من أصحاب الحديث أومن أصحاب الكلام فأمسك عن أن يقول: القرآن ليس بمخلوق فهو جهميٌّ» (¬2).
وقال مرةً عن الواقفة: «من كان يخاصم ويعرف بالكلام فهو جهمي، ومن لم يعرف بالكلام يجانب حتى يرجع، ومن
¬_________
(¬1) تركت الكلام في مسألة اللفظ، وبيان حكم اللفظية؛ لأن حكمها العام مدرك من أصل المسألة؛ ولأن فيها من الاشتباه والاحتمال لمن أطلقها ما جعلها من أشكل مسائل الباب، وفيها تفاصيل عقدية ليس هذا مقام تحريرها، ولكن ينظر تحرير رأي الإمام فيها في كتاب: المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة (1/ 232 - 252).
(¬2) السنة لابنة عبد الله (1/ 151)، وينظر: السنة للخلاف (5/ 131).

الصفحة 37