كتاب المحنة وأثرها في منهج الإمام أحمد النقدي

من الناس عفان، فسأله يحيى من الغد بعدما امتحن، وأبو عبد الله حاضر ونحن معه، فقال: أخبرنا بما قال لك إسحاق؟ قال: يا أبا زكريا لم أسود وجهك ولا وجوه أصحابك، إني لم أجب. فقال له: فكيف كان؟ قال: دعاني وقرأ علي الكتاب الذي كتب به المأمون من الجزيرة (¬1)، فإذا فيه: امتحن عفان وادعه إلى أن يقول: القرآن كذا وكذا، فإن قال ذلك فأقره على أمره، وإن لم يجبك إلى ما كتبت به إليك فاقطع عنه الذي يجرى عليه - وكان المأمون يجري على عفان كل شهر خمس مئة درهم - فلما قرأ علي الكتاب قال لي إسحاق: ما تقول؟ فقرأت عليه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] حتى ختمتها، فقلت: أمخلوق هذا؟ فقال: يا شيخ إن أمير المؤمنين يقول: إنك إن لم تجبه إلى الذي يدعوك إليه يقطع عنك ما يجري عليك. فقلت: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، فسكت عني وانصرفت، فسر بذلك أبو عبد الله ويحيى ومن حضر من أصحابنا» (¬2).
¬_________
(¬1) موضع بين دجلة والموصل من أرض. ينظر: الروض المعطار ص (163 - 164).
(¬2) ذكر محنة الإمام أحمد لحنبل ص (67)، وينظر: المحن لأبي العرب ص (433 - 434)، وتاريخ بغداد (12/ 270 - 272)، ومناقب الإمام أحمد ص (479 - 480)، وتهذيب الكمال (20/ 165)، والسير (10/ 244).

الصفحة 56