كتاب التعليق على القواعد المثلى

القول ذهب ابن كثير في تفسير سورة (البقرة)، والبغوي في تفسير سورة (فصلت).
قال ابن كثير: (أي: قصد إلى السماء، والاستواء هاهنا ضُمِّنَ معنى القصد والإقبال، لأنه عُدِّيَ بإلى) (¬1).
وقال البغوي: (أي: عمد إلى خلق السماء) (¬2).
وهذا القول ليس صرفًا للكلام عن ظاهره، وذلك لأن الفعل (اسْتَوَى) اقترن بحرف يدل على الغاية والانتهاء، فانتقل إلى معنى يناسب الحرف المقترن به، ألا ترى إلى قوله - تعالى - " عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً " [الإنسان: 6] حيث كان معناها: يُرْوَى بها عباد الله، لأن الفعل " يَشْرَبُ " اقترن بالباء، فانتقل إلى معنى يناسبها وهو يروى، فالفعل يضمن معنى يناسب معنى الحرف المتعلق به ليلتئم الكلام.

المثال الخامس، والسادس: قوله - تعالى - في سورة الحديد: " وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم " [الحديد: 4]، وقوله في سورة المجادلة: " وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا " [المجادلة: 7] (¬3).
والجواب: أن الكلام في هاتين الآيتين حَقٌّ على حقيقته وظاهره، ولكن ما حقيقته وظاهره؟
¬__________
(¬1) تفسير ابن كثير (1/ 332).
(¬2) تفسير البغوي (1/ 60).
(¬3) مجموع الفتاوى (3/ 140، 5/ 121 - 136، ومختصرةً في 226 - 246، 36/ 98 - 90)، رسالة في النزول والمعية وإثبات الصفات، الحموية (518 وما بعدها)، جامع المسائل (المجموعة الثالثة / 158 - 209)، الرد على الزنادقة والجهمية (296)، نقض الدارمي (1/ 442 وما بعدها)، توضيح مقاصد العقيدة الواسطية (136، 190 - 196).

الصفحة 135