كتاب التعليق على القواعد المثلى

والإقرارية، في أحاديث كثيرة تبلغ حد التواتر، وعلى وجوه متنوعة؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم - في سجوده: " سبحان ربي الأعلى " (¬1)، وقوله: " إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي " (¬2)، وقوله: " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء " (¬3)، وثبت عنه أنه رفع يديه وهو على المنبر يوم الجمعة يقول: " اللهم أغثنا " (¬4)، وأنه رفع يده على السماء وهو يخطب الناس يوم عرفة حين قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال: " اللهم اشهد " (¬5)، وأنه قال للجارية: " أين الله؟ " قالت: في السماء. فأقرها وقال لسيدها: " أعتقها فإنها مؤمنة " (¬6).
وأما العقل: فقد دل على وجوب صفة الكمال لله - تعالى - وتنزيهه عن النقص. والعلو صفة كمال والسفل نقص، فوجب لله - تعالى - صفة العلو وتنزيهه عن ضده.
وأما الفطرة: فقد دلت على علو الله - تعالى - دلالة ضرورية فطرية فما من داع أو خائف فزع إلى ربه - تعالى - إلا وجد في قلبه ضرورة الاتجاه نحو العلو لا يلتفت عن ذلك يمنة ولا يسرة.
واسأل المصلين، يقول الواحد منهم في سجوده: " سبحان ربي الأعلى " أين تتجه قلوبهم حينذاك؟
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (772) من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -.
(¬2) أخرجه البخاري (7422)، ومسلم (2751) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬3) أخرجه البخاري (4351)، ومسلم (1064) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(¬4) أخرجه البخاري (1014)، ومسلم (897) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(¬5) أخرجه مسلم (221) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - وأصله في الصحيحين.
(¬6) أخرجه مسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه -.

الصفحة 152