كتاب التعليق على القواعد المثلى

تكييفنا قفوًا لما ليس لنا به علم، وقولًا بما لا يمكننا الإحاطة به.
وأما العقل:
1 - فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته، أو العلم بنظيره المساوي له، أو بالخبر الصادق عنه، وكل هذه الطرق منتفية في كيفية صفات الله - عز وجل - فوجب بطلان تكييفها.
2 - وأيضًا فإننا نقول: أَيُّ كيفيةٍ تقدرها لصفات الله - تعالى -؟ إِنَّ أَيَّ كيفيةٍ تقدرها في ذهنك، فالله أعظم وأجل من ذلك. وأي كيفية تقدرها لصفات الله - تعالى - فإنك ستكون كاذبًا فيها؛ لأنه لا علم لك بذلك.
وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديرًا بالجنان، أو تقريرًا باللسان، أو تحريرًا بالبنان.
ولهذا لما سئل مالك - رحمه الله تعالى - عن قوله تعالى: " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " [طه: 5] كيف استوى؟ أطرق - رحمه الله - برأسه حتى علاه الرُحَضاء (العرق) ثم قال: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) (¬1)، وروي عن شيخه ربيعة أيضًا: (الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول) (¬2).
¬__________
(¬1) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 441) وغيره؛ وانظر: الأثر المشهور عن الإمام مالك - رحمه الله - في الاستواء للشيخ عبد الرزاق العباد.
(¬2) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 442) وغيره.
وانظر لمعنى هذه العبارة المأثورة عن السلف: شرح الرسالة التدمرية (151 - 152)، وتوضيح مقاصد العقيدة الواسطية (125).

الصفحة 82