كتاب شفاء الغليل في حل مقفل خليل (اسم الجزء: 2)

ابن عبد السلام مخالفاً فِي ظاهره؛ لقوله فِي آخر كتاب الرجم من " المدونة ": وإِن أقرّ القاضي أنّه رجم أَو قطع الأيدي أَو جلد؛ تعمداً للجور قيد منه (¬1). عَلَى أن ابن الحاجب تابع لابن شاس (¬2) وابن شاس تابع للإمام المازري؛ فإنّه قال: لَو أن القاضي علم بكذب الشهود، [فحكم بالجور وأراق هذا الدم كَانَ حكمه حكم الشهود] (¬3) إِذَا لَمْ يباشر القتل بنفسه، بل أمر بِهِ من تلزمه طاعته، ولو أن ولي الدم علم بكذب الشهود فِي شهادتهم، وبأن (¬4) القاضي علم بذلك فقتل المشهود عَلَيْهِ بقتل وليه لاقتص منه بلا خلاف، عند المالكية، والشافعية. وقول أبي حنيفة: لا يقتل (¬5) كالشهود، خيال فاسد. انتهى.
وبعد ما عضد ابن عرفة ما فِي " المدونة " بأن مثله فِي النوادر من رواية ابن القاسم، ومن رواية ابن سحنون عن أبيه: أن ما أقر بِهِ القاضي من تعمد جور أَو قامت عَلَيْهِ بِهِ بينة يوجب عَلَيْهِ القصاص قال: قد يفرق بين هذه المسائل ومسألة المازري بأن محمل هذه المسائل: أنّه أقر بالعداء (¬6) والجور دون استناد منه لسبب ظاهر، وهو (¬7) فِي مسألة المازري مستند فِي الظاهر لسبب، وهو البينة المذكورة، والاستناد إِلَى السبب الظاهر وإِن كَانَ كاذباً له أثر وشبهة، كقوله فِي " المدونة ": إِن لمن قذف، وهو يعلم من نفسه صدق قاذفه فيما رماه بِهِ أن يقوم بحدّه (¬8) خلافا لابن عبد الحكم.
¬_________
(¬1) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 421.
(¬2) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 1059.
(¬3) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(¬4) في الأصل: (وأبان).
(¬5) في الأصل: (بقتل)، وفي (ن 1): (يقبل).
(¬6) في الأصل: (أقرت بالعد).
(¬7) في (ن 2): (وهي).
(¬8) انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 214 ونصها: (سئل عن الرجل يقال له: يا زاني، وهو يعلم من نفسه أنه كان زانيا، أترى أن يحل له أن يضربه أم يتركه؟ قال: بل يضربه ولا شيء عليه)، وانظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 477.

الصفحة 1059