كتاب شفاء الغليل في حل مقفل خليل (اسم الجزء: 2)

فأكثرهم عَلَى إثبات الضمان وأقلهم عَلَى نفيه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - " لَو أن امرءاً (¬1) اطّلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لَمْ يكن عليك جناح ". انتهى (¬2). وعَلَيْهِ اقتصر ابن عرفة، زاد فِي " التوضيح ": حمل أكثرهم الحديث عَلَى غير القاصد لفقئ العين أَو عَلَى نفي الإثم دون الضمان. [قال ابن رشد فِي رسم الأقضية الثالث من سماع ابن القاسم من كتاب الجناية: يحتمل الحديث أن يكون لَمْ يبلغ مالكاً (¬3)، ويحتمل أن يكون [139 / ب] بلغه فرأى القياس المعارض له مقدماً عَلَيْهِ، عَلَى ما حكى ابن القصار من أن مذهب مالك: إِذَا اجتمع خبر الواحد مَعَ القياس، ولَمْ يمكن استعمالهما جميعاً قدّم القياس، والحجة فيه أن خبر الواحد لما جَازَ عَلَيْهِ النسخ والغلط والسهو والكذب والتخصيص، ولَمْ يجد عَلَى القياس من الفساد إِلا وجه واحد وهُوَ: هل الأصل معلول بهذه العلة أم لا؟ فصار أقوى من خبر الواحد، فوجب أن يقدم عَلَيْهِ.
ووجه القياس فِي ذلك أنّ هذا جناية من عاقل بفعله ما يجوز له فعله فوجب أن يكون خطأً ولا يكون هدراً، أصله إِذَا رمى طائراً فأصاب إنسانا. انظر تمام كلامه تطّلع [عَلَيْهِ] (¬4)، [فالمسائل عند بعض الشيوخ فِي هذا الباب ثلاثة: مسألة العضّ، ومسألة الفحل الصائل، ومسألة] (¬5) من ينظر إليه فِي بيته، والمشهور فِي الأولى الضمان، والمذهب فِي الثانية عدم الضمان، ومذهب الأكثر فِي الثالثة نفي الضمان وقال بعض الشيوخ، ومقتضى النظر عندي
¬_________
(¬1) في (ن 2)، (ن 3): (امرؤاً).
(¬2) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (6493)، كتاب الديات، باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان، ومسلم في صحيحه برقم (2158)، كتاب الآداب، باب تحريم النظر في بيت غيره، وأحمد في المسند برقم (7311) من حديث أبي هريرة.
(¬3) يشير ابن رشد إلى حديث العاضّ الذي مرّ في المسألة السالفة، لا حديث فقء العين المُخرّج في هذه المسألة، وانظر تمام كلامه في: البيان والتحصيل، لابن رشد: 16/ 102، وهو في سماع أشهب وابن نافع، لا سماع ابن القاسم كما أشار المؤلف هنا.
(¬4) ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 4).
(¬5) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

الصفحة 1129