كتاب شفاء الغليل في حل مقفل خليل (اسم الجزء: 1)

عاملاً مشتغلاً بما يعنيه، حتى حُكي عنه: أنه أقام عشرين سنة لم ير النيل وهو بمصر، وحكي عنه أنه جاء يوماً لمنزل بعض شيوخه، فوجد كَنِيف (¬1) المنزل مفتوحاً، ولم يجد الشيخ هناك، فسأل عنه؟ فقيل له: إنه شوّشه أمر هذا الكَنِيف، فذهب يطلب من يُستأجر على تنقيته، فقال خليل: أنا أولى بتنقيته، فشمّر ونزل يُنَقّيه، فجاء شيخه فوجده على تلك الحال، والناس قد حلّقوا عليه ينظرون إليه تعجُّباً من فعلِهِ فقال: من هذا؟ فقالوا: خليل؛ فاستعظم الشيخ ذلك، وبالغ في الدعاء له عن قريحة ونية صادقة، فنال بركة دعائه، ووضع الله تعالى البركة في عمره. فسبحان الفتّاح العليم.
وحدثنا شيخنا أبو زيد الكاواني (¬2)، عمن رأي خليلاً بالديار المصرية: يلبس الثياب القصار، أظنّه قال: ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وسمعت شيخنا العلاّمة أبا عبد الله القوري (¬3) يحكي أنه بلغه عنه أنّه كان من أهل المكاشفات، وأنه مرّ بطباخ دلّس الناس ببيع لحم الميتة، فكاشفه وزجره؛ فأقرّ وتاب على يديه.
أخذ رحمه الله تعالى عن الشيخ الفقيه الصالح أبي محمد (¬4) عبد الله المنوفي (¬5) ... وغيره،
¬_________
(¬1) الكَنِيف: الخَلاء. انظر: لسان العرب، لابن منظور: 9/ 308 وما بعدها.
(¬2) هو: أبو زيد، عبد الرحمن الكاواني، الفاسي، مفتيها، الفقيه العالم المتفنن، الإمام في الأصلين، توفي سنة 860 هـ. انظر ترجمته في: كفاية المحتاج، لأحمد بابا: 1/ 276، ونيل الابتهاج، للتنبكتي: 1/ 280، وطبقات الحضيكي: 2/ 275، وشجرة النور، لمخلوف، ص: 266، غير أنه ذكر وفاته سنة: 890 هـ.
(¬3) هو: أبو عبد الله، محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد اللَّخْمي نسباً، المكناسي داراً ومسكناً ومولداً، الأندلسي سلفاً، القوري شهرة ولقباً، الفاسي نقلة ومزاراً، قال عنه تلميذه ابن غازي: كان فقيهًا عالمًا علامة مفتيًا مشاورًا حجة حافظًا. انظر ترجمته في: كفاية المحتاج، ص: 184، وتوشيح الديباج، ص: 202، وسلوة الأنفاس: 2/ 115.
(¬4) في (ن 1): (عن)، وهو غير مستقيم.
(¬5) هو: عبد الله المغربي، المصري، المشهور بالمنوفي، أخذ عن الشيخ شمس الدين التونسي، والزواوي، والأقفهسي، وكان من الصلحاء، وانقطع بالمدرسة الصالحية، فكان لا يخرج إلا إلى صلاة الجماعة أو الجمعة، وامتنع من الاجتماع بالسلطان، وعين لكثير من المناصب فلم يجب، واشتهر بالديانة والصلاح والعبادة والزهادة. انظر: ترجمته في: الدرر الكامنة، لابن حجر: 3/ 97.

الصفحة 113