كتاب شفاء الغليل في حل مقفل خليل (اسم الجزء: 1)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَقُولُ الْفَقِيرُ الْمُضْطَرُّ لِرَحْمَةِ رَبِّهِ، الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ لِقِلَّةِ الْعَمَلِ والتَّقْوَى، خَلِيلُ ابْنُ إِسْحَاقَ [ابْنِ مُوسَى عَفَا اللهُ عَنْهُ بِمَنِّهِ] (¬1) [الْمَالِكِيُّ] (¬2) الْحَمْدُ للهِ حَمْداً يُوَافِي مَا تَزَايَدَ مِنَ النِّعَمِ، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى مَا أَوْلانَا مِنَ الْفَضْلِ والْكَرَمِ، لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، ونَسْأَلُهُ اللُّطْفَ والإِعَانَةَ فِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ، وحَالَ حُلُولِ الإِنْسَانِ فِي رَمْسِه (¬3).
وَالصَّلاةُ والسَّلامُ، عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْعَرَبِ والْعَجَمِ، الْمَبْعُوثِ لِسَائِرِ الأُمَمِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ وأُمَّتِهِ أَفْضَلِ الأُمَمِ. وبَعْدُ:
فَقَدْ سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ أَبَانَ اللهُ لِي ولَهَمُ مَعَالِمَ التَّحْقِيقِ، وسَلَكَ بِنَا وبِهِمْ أَنْفَعَ طَرِيقٍ، مُخْتَصَراً عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ مَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهْ اللهُ تَعَالَى، مُبَيِّناً لِمَا بِهِ الْفَتْوَى، فَأَجَبْتُ سُؤَالَهُمْ بَعْدَ الاسْتِخَارَةِ.
مُشِيراً بِـ (فِيهَا) لِلْمُدَوَّنَةِ.
قوله: (مُشِيرًا بِفِيهَا لِلْمُدَوَّنَةِ (¬4)) يريد وبنحو: رُويت، وحُملت، وظاهرها، وأُقيمَ منها.
وَبِـ (أَوَّلَ) إِلَى اخْتِلافِ شَارِحِيهَا (¬5) فِي فَهْمِهَا.
قوله: (وَبِأَوَّلَ إِلَى اخْتِلافِ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِهَا) أي: ومشيراً بمادة (أول) ليندرج
¬_________
(¬1) ما بين المعكوفتين زيادة من أصل المختصر المحفوظ لدينا.
(¬2) ما بين المعكوفتين ساقط من أصل المختصر لدينا.
(¬3) الرمس: طمس الأثر، وما هيل التراب عليه. انظر: لسان العرب، لابن منظور: 6/ 101.
(¬4) يعني: المدوّنة، لعبد الرحمن بن القاسم توفي سنة: 191 هـ، تلميذ الإمام مالك، وأحد رواة الموطأ، وهي من أعظم الكتب في فروع مذهب المالكية، وللمالكية عليها شروح عديدة، والمراد أن خليلاً إذا قال: (فيها) فمراده: في المدوّنة، كقوله: (وفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ)، وقوله: (وَفِيهَا نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلاً) وقوله: (وفِيهَا الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ).
(¬5) من شراح المدوّنة: ابن عبدوس المتوفى سنة 260 هـ، وابن محرز المتوفى سنة 299 هـ، وقاسم بن خلف الجبيري المتوفى سنة 378 هـ، وابن زمنين المتوفى سنة 399 هـ، وعمر بن أبي الطيب القيرواني المتوفى سنة 430 هـ، وابن المرابط الطلمنكي المتوفى سنة 485 هـ، وخليل بن إسحاق الجندي صاحب المختصر المتوفى سنة 767 هـ، وأبي عمران العبدوسي المتوفى سنة 776 هـ. . . وغيرهم ممن شرحها، أو علّق على شرحها، أو تهذيبها. انظر: جامع الشروح والحواشي، لعبد الله محمد الحبشي: 3/ 1912 وما بعدها.

الصفحة 116