كتاب شفاء الغليل في حل مقفل خليل (اسم الجزء: 1)

وقد عرّف عياض (¬1) بالأوّلين في " المدارك " (¬2) وبالآخرين في: " الغنية " (¬3)؛ غير أنه لم يذكر وفاة ابن يونس؛ وإنما أفادنيها شيخنا العلاّمة أبو عبد الله القوري.
وَحَيْثُ قُلْتُ: (خِلافٌ) فَذَلِكَ لِلاخْتِلافِ فِي التَّشْهِيرِ، وحَيْثُ ذَكَرْتُ (قَوْلَيْنِ) أَوْ (أَقْوَالاً) فَذَلِكَ لِعَدَمِ اطِّلاعِي فِي الْفَرْعِ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ مَنْصُوصَةٍ.
فإن قلت: لم قال أولاً: (وَحَيْثُ قُلْتُ: خِلافٌ)؟ فعبّر بالقول، ورفع لفظَ خلاف، وقال ثانياً: (وحَيْثُ ذَكَرْتُ قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالاً) فعبّر بالذكر، ونصب (قولين) و (أقوالاً)؟
قلت: لما كان ذكره الأقوال أعمّ من أن يتلفظ بها أو يقول مثلاً: وهل كذا أو كذا ثالثها كذا، ورابعها كذا، لم يصلح الرفع على الحكاية، ولا القول المناسب؛ لذلك فلو قال وحيث قلت أقوال؛ لخرح ما لم يتلفظ به بصيغة القول كثالثها رابعها، بخلاف (خلاف)؛ فإن حكايته بعد القول لا تُخْرِج معنىً يريد إدخاله.
فإن قلتَ: لا يطَّرد ذلك بهذا إلا في الأقوال لا القولين.
قلت: بل هو جارٍ في القولين أيضاً كقوله في باب الرهن: (وَرَجَعَ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ، نُقِلَتْ عليهما). ولو لم يوجد له في القولين لقلنا: لمّا بيّن وجه اصطلاحه فيهما دفعة كانت التثنية تبعاً للجمع، قيل: وبحمل المستفتي على معين من الأقوال المستوية جرى العمل، وقد ذكر اللخمي في ذلك قولين في باب صلاة السفر فقال:
¬_________
(¬1) هو: أبو الفضل، عِياض بن موسى بن عياض بن عمرون، اليَحْصُبِيّ، السَّبْتِيّ، القاضي، عالم المغرب، وإمام أهل الحديث في وقته. كان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم، فقيهاً محدثاً. توفي سنة 544 هـ. من مصنفاته: " الشِّفَا بتعريف حقوق المُصْطَفَى "، وبه اشتهر، و " الإعلام بحدود قواعد الإسلام "، و " مشارق الأنوار على صحيح الآثار "، و " ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك "، و " إكمال المعلم شرح صحيح مسلم ". انظر ترجمته في: الديباج المذهب، لابن فرحون: 1/ 168، وسلوة الأنفاس، للكتاني: 1/ 162، وجذوة الاقتباس، لابن القاضي المكناسي: 2/ 498، والإعلام، للسملالي: 9/ 319.
(¬2) هو: كتاب " ترتيب المدارك وتقريب المسالك "، للقاضي عياض، جمع فيه أسماء أعيان المالكية وأعلامهم، وبين طبقاتهم وأزمانهم، وجمع فضائلهم وآثارهم، انظر: كشف الظنون، لحاجي خليفة: 1/ 395.
(¬3) كتاب الغنية، للقاضي عياض، وضعه في أسماء شيوخه الذين أخذ عنهم، بدأه بذكر من اسمه محمد، وبلغ عدد من ترجم لهم ثمانية وتسعين شيخاً. انظر: كشف الظنون، لحاجي خليفة: 2/ 1213.

الصفحة 119