كتاب شفاء الغليل في حل مقفل خليل (اسم الجزء: 1)

تراهم لَمْ يذكروا فيهما قولاً بالتفصيل بين البئر وغيره، كما ذكروه فِي المشبه به؛ ولذلك قال ابن عرفة: وفيما غيّر لونه ورق، أو حشيش غالب ثالثها: يكره، الأول للعراقيين، والثاني للإبياني، والثالث قول السليمانية: تعاد الصلاة بوضوئه فِي الوقت، وروى ابن غانم فيما تغيّر لونه وطعمه، ببول ماشية ترده، وروثها: لا يعجبني الوضوء به، ولا أحرّمه. الباجي (¬1): لأنها لا تنفك عنه غالباً (¬2). كقول العراقيين فِي الورق والحشيش. اللخمي: لأنه كثير تغيّر بطاهر قليل. وجعل فِي سلب طهوريته وكراهته قولين.
والأَظْهَرُ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا الْجَوَازُ، وفِي جَعْلِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ كَالْمُخَالِفِ نَظَرٌ، وفِي التَّطْهِيرِ بِمَاءٍ جُعِلَ فِي الْفَمِ قَوْلانِ، وكُرِهَ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَدَثٍ وفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ. وَيَسِيرٌ كَآنِيَةِ وضُوءٍ، وغُسْلٍ بِنَجِسٍ لَمْ يُغَيِّرْ أَوْ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ، ورَاكِدٌ يُغْتَسَلُ فِيهِ، وسُؤْرُ شَارِبِ خَمْرٍ، ومَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ، ومَا لا يَتَوَقَّى نَجِساً مِنْ مَاءٍ، لا إِنْ عَسُرَ الاحْتِرَازُ مِنْهُ، أَوْ كَانَ طَعَاماً كَمُشَمَّسٍ، وإِنْ رُؤِيَتْ عَلَى فِيهِ وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ عُمِلَ عَلَيْهَا، وإِذَا مَاتَ بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ بِرَاكِدٍ ولَمْ يَتَغَيَّرْ نُدِبَ نَزْحٌ بِقَدْرِهِمَا، لا إِنْ وَقَعَ مَيِّتاً.
قوله: (والأَظْهَرُ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا الْجَوَازُ). قال ابن رشد فِي " الأجوبة ": سئلت عن آبار الصحاري التي تدعو الضرورة إِلَى طيّها بالخشب والعشب؛ لعدم ما تطوى به سوى ذلك، فيتغيّر لون الماء ورائحته وطعمه من ذلك، هل يجوز الغسل والوضوء به؟ فأجبت بأن ذلك جائز، ثم احتجّ له، وذكر فِي آخر احتجاجه: .... أن قول بعض المتأخرين فِي الماء المتغيّر فِي الأودية والغدر مما يسقط فيه من أوراق الشجر النابتة عليه، والتي جلبتها الرياح إليه: لا يجوز الوضوء ولا الغسل به - شاذ خارجٌ عن أصل المذهب
¬_________
(¬1) هو: أبو الوليد، سليمان بن خلف الباجي، الأندلسي، القرطبي، برع في الحديث والفقه، والكلام، له عدة تصانيف منها: " المنتقى، للباجي شرح الموطأ "، و " تفسير القرآن "، و " فصول الأحكام "، و " الإشارة "، وغير ذلك، توفي سنة: 474 هـ. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، للقاضي عياض: 4/ 802، والأنساب، للسمعاني: 2/ 19، الصلة، لابن بشكوال: 1/ 200، بغية الملتمس، لابن عميرة الضبي: 302، 303، الديباج المذهب، لابن فرحون، ص: 197، المغرب في حلى المغرب، لابن سعيد المغربي: 1/ 404.
(¬2) انظر: المنتقى، للباجي: 1/ 312.

الصفحة 126