كتاب شفاء الغليل في حل مقفل خليل (اسم الجزء: 1)

لأنها لَمْ تجب بعد، قَوْلانِ، حكاهما ابن راشد، وكعفو المجروح عما يؤول إليه الجرح، وكإجازة الورثة الوصية للوارث، أو إجازتهم أكثر من الثلث للأجنبي فِي مرض الموصي، وأمثلة هذا كثيرة، أما إن لَمْ يجر سبب الوجوب فلا يعتبر باتفاق، حكاه القرافي. انتهى.
وأما التي أسقطت فرضاً قبل وجوبه فلعلّه أشار بها لمسقطة النفقة التي تقدّم ذكرها.
وفِي بعض النسخ أو أسقطت (¬1) شرطاً قبل وجوبه، ولا شكّ أنه من النظائر المنخرطة فِي هذا السلك، وقد عدّه القاضي ابن عبد السلام منها، ولكنّ المشهور فِي ذات الشرط أن إسقاطها إياه قبل وجوبه يلزمها، وبذلك قطع المصنف فِي فصل الرجعة إذ قال: (وَلا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا بِخِلَافِ ذَاتِ، الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته)، وبسبب (¬2) السؤال عن الفرق بين هاتين المسألتين قال مالك لابن الماجشون أتعرف دار قدامة (¬3)؟ وقد صرّح ابن عبد السلام بأن بعض نظائر هذا الأصل أقوى من بعض (¬4).
وأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لأَبٍ، لا الأُمِّ، والْعَمَّةِ.
قوله: (وأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لأَبٍ، لا الأُمِّ، والْعَمَّةِ) لفظ العمة معطوف عَلَى أخت وكأنه قال: وعمة [47 / أ] شقيقة أو لأبّ فإنها معتبرة بخلاف (¬5) الأم إن لَمْ تكن من نسب الأب، وبهذا التقدير يوافق ما لابن رشد فِي رسم الطلاق من سماع القرينين، ولا أعلم أحداً فرّق بين الأخت والعمّة (¬6).
¬_________
(¬1) في (ن 2): (وأسقطت).
(¬2) في (ن 3): (وسبب).
(¬3) هي قصة طريفة في علاقة المربي بتلاميذه ومتعلميه، جرت بين الإمام مالك رحمه الله، وبين ابن الماجشون حيث سأله عن الفرق بين خيار الأمة التي تعتق وخيار الزوجة، فقال له الفرق دار قدامة معرضاً به قال ابن رشد: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَالِكًا مَا فَرَّقَ بَيْنَ الْحُرَّةِ والْأَمَةِ وإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ خِيَارٍ وَجَبَ بِالشَّرْعِ بِشَرْطٍ وخِيَارٍ جَعَلَهُ الزَّوْجُ بِاخْتِيَارِهِ بِشَرْطٍ. انظر: التاج والإكليل، للمواق: 4/ 103
(¬4) عقّب الحطاب رحمه الله على المؤلف هنا بأن ما حمل عليه كلام المصنف غير صحيح، وأحال على ما شرحه في " فصل: المفقود والمطلقة " في توجيه كلام المصنف. انظر: مواهب الجليل: 3/ 516، و4/ 160.
(¬5) في (ن 1): (خلاف).
(¬6) صوب الحطاب ما للمؤلف هنا، وأفاض في تفصيل إجماله فطالعه في: مواهب الجليل: 3/ 516. وشرحه الخرشي بأن الوافي قوله: (وأخت) ينبغي أن تكون بمعنى أو.

الصفحة 470