كتاب شفاء الغليل في حل مقفل خليل (اسم الجزء: 1)

أَوْ إِنْ كُنْتُ كَذَبْتُهَا، وأَشَارَ الأَخْرَسُ أَوْ كَتَبَ. وشَهِدَتْ مَا رَآنِي أَزْنِي، أَوْ مَا زَنَيْتُ، أَوْ لَقَدْ كَذَبَ فِيهِمَا، وفِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ. ووَجَبَ أَشْهَدُ، واللَّعْنُ والْغَضَبُ، وبِأَشْرَفِ الْبَلَدِ، وبِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ، ونُدِبَ إِثْرَ صَلاةٍ وتَخْوِيفُهُمَا، وخُصُوصاً عِنْدَ الْخَامِسَةِ، والْقَوْلُ بِأَنَّهَا مُوْجِبَةُ الْعَذَابِ، وفِي إِعَادَتِهَا إِنْ بَدَأَتْ خِلافٌ ولاعَنَتِ الذِّمِّيَّةُ بِكَنِيسَتِهَا ولَمْ تُجْبَرْ.
قوله: (أَوْ إِنْ كُنْتُ كَذَبْتُهَا) أشار به لقول ابن محرز عن أصبغ: إن جَعل مكان: {إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور:7] إن كنت كذّبتها، أو جعلت بدل {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور:9] إنه لمن الكاذبين، أجزأ، زاد الباجي عنه: وأحب إلينا لفظ القرآن. فأشار إلى أن لفظ اللعان غير متعين، إلا أن لفظ القرآن أفضل، وظاهر قول ابن وهب تعيّنه بلفظ القرآن، كذا اختصره ابن عرفة.
وإِنْ أَبَتْ أُدِّبَتْ ورُدَّتْ لِمِلَّتِهَا كَقَوْلِهِ وَجَدْتُهَا مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ، وتَلاعَنَا، إِنْ رَمَاهَا بِغَصْبٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ وأَنْكَرَتْهُ.
قوله: (وإِنْ أَبَتْ أُدِّبَتْ ورُدَّتْ لِمِلَّتِهَا) أي: لحكام أهل ملّتها، وهو كقول (¬1) ابن شاس: وإن أبت فهما على الزوجية، وتردّ إلى أهل دينها بعد العقوبة، لأجل خيانة زوجها في فراشه، وإدخالها الإلتباس في نسبه. انتهى (¬2). والعامل في قوله: لأجل خيانة زوجها هو العقوبة، وكذا روى مطرّف عن مالك: أنها تردّ في النكول في هذا إلى أهل دينها، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ نقله في " النوادر " عن " الواضحة ".
قال عبد الحقّ في " النكت ": " ذكر في الكتاب أن الكتابية تلاعن في كنيستها، وهي لو أقرّت أو نكلت عن اللعان لم تحدّ، والصغيرة قال [لا] (¬3) تلاعن؛ إذ لو أقرّت أو نكلت لم تحدّ، فلعلّ الفرق بينهما أن النصرانية قد يتعلّق عليها بإقرارها أو نكولها حدّ عند أهل ملّتها؛ لأنها مردودة إليهم، والصغيرة لا يتعلّق عليها شيء البتة فافترقتا لهذا ". انتهى بنصّه.
¬_________
(¬1) في (ن 2)، و (ن 3): (قول).
(¬2) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 1/ 565.
(¬3) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2)، و (ن 3).

الصفحة 558