كتاب شفاء الغليل في حل مقفل خليل (اسم الجزء: 2)

لو قبض بعض ما اشترى منه من التين، ثم أراد أن يأخذ بالبقية (¬1) غير التين أو صنفاً آخر من التين أو أقل أو أكثر لَمْ يجز، ولو أراد أن ينتقل من صنفٍ إلى صنف آخر قبل أن ينبرم البيع بينهما وهما فِي حال التراوض لجاز (¬2)، وبعده فِي رسم حلف من السماع نفسه: وسئل مالك عمن اشتري بدينار قمحاً، فاكتال نصفه، ثم سأله أن يعطيه بالنصف الباقي زيتاً أو عدساً؟ فقال: لا خير فيه.
قال ابن القاسم: لأنه بيع الطعام قبل أن يستوفي. قال فِي قول مالك: وإن كان شعيراً وأخذ مثل كيله فلا بأس به (¬3).
قال أبو العباس القباب: القمح والشعير عنده (¬4) صنف واحد، فهو كمن وَجب له قمح طيب فسمح فأخذ (¬5) منه ردياً (¬6)؛ فلهذا أجازه. انتهى.
وتقدّم [70 / أ] قول عبد الحقّ، وقد ضبط ابن عرفة هذا الفصل فقال: وشراؤه الطعام على الاختيار لزوما لا يجوز فِي غير متماثلين مُطْلَقاً ولا فيهما ربويين جزافاً ولا كيلا إن اختلف قدره، ثم استشهد بنصّ " المدونة " السابق ثم قال: وشاهدت فتوى شيوخ شيوخنا أن شراء العنب من البائع الذي بعض عنبه أسود وبعضه أبيض: إنما يجوز إن عين المشتري الأخذ من أحدهما، وكذا شراء التين من البائع المختلف تينه، محتجاً بما تقدّم من نصّ " المدونة " وغيرها.
وأفتيت بجواز ذلك؛ لأن المنع المذكور إنما هو فيما بيع على الإلزام حسبما مرّ، وبياعات أهل زماننا فِي الأسواق إنما هي بالمعاطاة؛ فهي منحلّة قبل قبض المبيع، ولا يعقدونها بالإيجاب والقبول اللفظي بحال، ويؤيد ما قلته سماع القرينين، يعني فِي رسم
¬_________
(¬1) في (ن 2)، و (ن 3): (البقية).
(¬2) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 7/ 281.
(¬3) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 7/ 276.
(¬4) في (ن 1): (عندي).
(¬5) في (ن 3): (يأخذ).
(¬6) في (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3): (ديناً).

الصفحة 637