كتاب تفسير العثيمين: ص

قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفًا فهو يهوي في النار حتى انتهى إلى قعرها" (¬١) سبعين سنة، هو حجر كبير له صوت عظيم يهوي في النار، لأنها بعيدة القعر جدًا، ولهذا صارت مدلهمة -والعياذ بالله- سوداء.
وقيل: إن لفظ جهنم ليس عربيًا وأن أصله في الفارسية كهنام، ولكنه عرب فصار جهنم. وعلى هذا فلا يرد علينا أنه من الجهمة، وهو السواد والبعد، فيقال: جهنم اسم للنار علم غير مشتق، وأيًّا كان فهو اسم من أسماء النار نعوذ بالله منها.
{يَصْلَوْنَهَا} حال، لأن جهنم معرفة، والمعرفة تكون الجملة بعدها حالًا. {يَصْلَوْنَهَا} قال المؤلف: [أي: يدخلونها]، لكن هذا لا يكفي، بل يصلونها، يعذبون بصلاها، وهو شدة الحرارة {فَبِئْسَ الْمِهَادُ (٥٦)}: الفراش، كما قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} [النبأ: ٦] وفي آية أخرى {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا} [البقرة: ٢٢] {فَبِئْسَ الْمِهَادُ (٥٦)} أي: هي، لأنه -والعياذ بالله- افتراشها شديد، ولحافها شديد، قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: ١٦] نعوذ بالله.
{هَذَا} قال المؤلف -رحمه الله-: [أي: العذاب المفهوم مما بعده {فَلْيَذُوقُوهُ}]، اللام في قوله: {فَلْيَذُوقُوهُ} للأمر، والدليل على أنها لام الأمر وليست لام التعليل، أنها سكنت بعد الفاء، ولام
---------------
(¬١) أخرجه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها (٢٨٤٤).

الصفحة 214