كتاب تفسير العثيمين: ص

الجن كان بين الملائكة] قوله: هو أبو الجن دليله قوله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي} [الكهف: ٥٠] والدليل على أنه من الجن قوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: ٥٠] إذن فالجن ذرية الشيطان، والإنس ذرية آدم. نعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
قال المؤلف: [{إِلَّا إِبْلِيسَ} كان بين الملائكة] ولم يقل المؤلف: كان من الملائكة، لأن الله سبحانه وتعالى قال: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: ٥٠] إذن هو كان بينهم، ومن كان بين الناس فهو من الناس، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن مولى القوم من أنفسهم" (¬١) فهذا إبليس كان مع الملائكة يتعبد بعبادتهم فصح أن يشمله الخطاب الموجه إلى الملائكة، ولهذا لامه اللهُ على عدم السجود، فدلَّ على أن الخطاب كان شاملًا له.
{إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٧٤)} [في علم الله]، قول المؤلف: [في علم الله] بناء على أن "كان" تدل على المضي، ولكنه قد مرَّ علينا أن "كان" قد تكون مسلوبة الدلالة على الزمان، ويكون المراد بها الاتصاف بخبرها، كما في قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٩٦)} [النساء: ٩٦] المعنى اتصف بالرحمة. إذًا نقول في هذه الآية {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} أي: واتصف بالكفر، ولا حاجة أن نقول: كان
---------------
(¬١) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" ٣٩/ ٣٠٠ (٢٣٨٧٢)، وأبو داود، كتاب الزكاة، باب الصدقة على بني هاشم (١٦٥٠)، والترمذي، باب ما جاء في كراهية الصدقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته ومواليه (٦٥٧).

الصفحة 237