كتاب الاعتداء في الدعاء صور وضوابط ونماذج من الدعاء الصحيح

2 - الإخلاص في الدعاء: وهو من أهمِّ هذه الآداب وأوكدها؛ لأنَّ عدمَ إخلاص الدُّعاء لله تعالى تارةً يكون شركاً صريحاً مخرجاً عن الملة، وقد يكون شركاً أصغر؛ فيكون الدُّعاء محبطاً لا يمكن قبوله واستجابته.
وقد أمر الله- تعالى- بالإخلاص في الدُّعاء فقال: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [غافر: 14].
وقال تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65].
وقال- عَزَّ من قائل: {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29].
وقال الحافظُ ابن حجر (¬1) - رحمه الله: وقد دلَّت الآية- يعني بها قوله تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65]- أنَّ الإجابة مشترَطةٌ بالإخلاص (¬2).
وقال ابنُ مسعود- رضي الله عنه: "إنَّ الله لا يقبل من مسمع، ولا مراء، ولا لاعب، ولا داع إلَّا داعياً دعاء ثبتاً من قلبه" (¬3).
¬__________
(¬1) شيخ الإسلام، الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلانيّ، ولد في مصر في اليوم الثاني عشر من شعبان عام ثلاث وسبعين وسبعمائة، رَحَلَ في طلب العلم إلى بلاد كثيرة، وله مؤلَّفات كثيرة بلغت نحو (150) مائة وخمسين جَمَعَت من السَّعَة والتَّحقيق ما لم يكن لغيرها، ومن أعظمها فتح الباري في شرح صحيح البخاري، توفِّي في مصر في 28 ذي الحجة من عام 852هـ، انظر الضَّوء اللَّامع 1/ 268.
(¬2) فتح الباري (11/ 95).
(¬3) أخرجه ابن المبارك في الزُّهد ص20 رقم 83 وأحمد في الزُّهد والبخاريّ في الأدب المفرد 2/ 65 رقم 606 وإسناده صحيح، قال الدَّارقطنيُّ: وهو محفوظ من كلام ابن مسعود. (العلل المتناهية 2/ 840).

الصفحة 21