كتاب الاعتداء في الدعاء صور وضوابط ونماذج من الدعاء الصحيح

المبحث الثالث

إجابةُ الدُّعاء
أجاب الله دعاءه إجابةً: المصدر الإجابة والاسم الإجابة؛ كالطَّاعة، واسم الفاعل: المجيب؛ قال تعالى: {قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}. وقال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}. [آل عمران: 195] (¬1).
أنواع الإجابة:
قد ذكرنا أنَّ الدُّعاءَ يَنقسم إلى نوعين: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، وكذا الاستجابة تتنوَّع إلى نوعين: فلكلِّ نوع من الدُّعاء نوعٌ من الاستجابة يناسبه؛ فاستجابةُ دعاء العبادة بإعطاء الثَّواب والأجر، واستجابة دعاء المسألة بإعطاء المسؤول.
قال ابن القيم: (الاستجابة أيضاً نوعان: استجابةُ دعاء الطَّالب بإعطائه سؤالَه واستجابة دعاء المثنيّ بالثَّواب، وبكلِّ واحد من النَّوعين فُسِّرَ قولُه تعالى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، والصَّحيح أنَّه يعمُّ النَّوعين (¬2).
والاعتقادُ بعدم خلف الله لوعده هو عقيدةُ المؤمن الصَّادق، وإن الله إذا وعد فإنَّه لا يخلف الميعاد؛ فهو أكرمُ الأكرمين وأجودُ الأجودين.
لكن يثورُ هنا سؤالٌ كبيرٌ وهو: لماذا لا يَستجيب اللهُ لكلِّ أحد دعاه؟
فالجوابُ ما ذهب إليه جمهورُ أهل العلم: أنَّ الدُّعاءَ
إذا استجمع شروطَه وآدابَه لا يُرَدّ؛ ولكن الإجابة تتنوَّع؛
فإمَّا أن يُعطَى السَّائلُ عينَ ما سأل، وإمَّا أن يعوِّضَه بما هو أولى له
¬__________
(¬1) الدعاء للعروسي (1/ 221).
(¬2) زاد المعاد 1/ 235.

الصفحة 32