كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (اسم الجزء: 1)
وقال هرقل ملك الروم عندما استلم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم: "وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم" (¬1).
إرهاصات نبوته:
ومن ارهاصات نبوته تسليم الحجر عليه قبل النبوة كما أخبر (¬2). ومنها الرؤيا الصادقة وهي أول ما بدئ به من الوحي فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح (¬3).
وقد حبب إليه العزلة والتحنث (التعبد) فكان يعتزل قومه في غار حراء، وهو في جبل حراء، ويطل الغار على الكعبة (¬4)، ويحتاج صعوده إلى جهد ويستغرق الصعود نصف ساعة، فكان يمكث فيه الليالي ذوات العدد، قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك، حتى فجأه الحق وهو في غاز حراء (¬5).
¬__________
(¬1) صحيح البخاري 1/ 6 بدء الوحي، وصحيح مسلم 3/ 1359 كتاب الجهاد والسير باب كتاب النبي إلى هرقل.
(¬2) صحيح مسلم 4/ 1782 وأما حديث تسليم الجبل والشجر عليه في نسن الترمذي 5/ 593 ففي إسناده عباد بن أبي يزيد مجهول (تقريب 291) والوليد بن عبد الله بن أبي ثور ضعيف (تقريب 582).
(¬3) صحيح البخاري 1/ 3 وصحيح مسلم 1/ 139.
(¬4) قال ابن أبي جمرة: "الحكمة في تخصيصه بالتخلي فيه أن المقيم فيه كان يمكنه رؤية الكعبة فيجتمع لمن يخلو فيه ثلاث عبادات: الخلوة، والتعبد، والنظر إلى البيت". وقال ابن حجر: "وكأنه مما بقي عندهم من أمور الشرع على سنن الاعتكاف" (فتح الباري 12/ 355) وقد ذكر ابن إسحاق "أن ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية" (سيرة ابن هشام 1/ 253) وقد ذكر ابن حجر - دون أن يذكر مصدراً - أن عبد المطلب كان يخلو في غار حراء (فتح الباري 12/ 355) فالتحنث من بقايا الإبراهيمية.
(¬5) صحيح البخاري 1/ 3 وصحيح مسلم 1/ 140.