كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

البيوت، وتفرَّق الغلمان في الطرق ينادون: يا محمد يا رسول الله، يا محمد يا رسول الله (¬1).
قال الصحابي البراء بن عازب - وهو شاهد عيان: "ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم (¬2).
أما تلك الروايات التي تفيد استقباله بنشيد (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع) فلم ترد بها رواية صحيحة (¬3).
وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب الأنصاري فتساءل: أي بيوت أهلنا أقرب؟ فقال أبو أيوب: أنا يا نبي الله، هذه داري وهذا بابي. فنزل في داره (¬4).
وقد ورد في كتب السيرة أن زعماء الأنصار تطلعوا إلى استضافة الرسول صلى الله عليه وسلم فكلما مر بأحدهم دعاه للنزول عنده فكان يقول لهم: دعوا الناقة فإنها مأمورة فبركت على باب أبي أيوب (¬5). وكان داره طابقين، قال أبو أيوب الأنصاري:
¬__________
(¬1) صحيح مسلم 4/ 2311.
(¬2) صحيح البخاري (فتح الباري 7/ 260).
(¬3) ابن حجر: فتح الباري 7/ 261، 262. وابن القيم: زاد المعاد 3/ 551.
والزرقاني: شرح المواهب اللدنية 1/ 360،359.
(¬4) صحيح البخاري (فتح الباري 7/ 250، 265).
(¬5) سيرة ابن هشام 1/ 494 بدون إسناد، ومغازي موسى بن عقبة 1/ 183 بدون إسناد وأخرجها ابن عائذ وسعيد بن منصور كلاهما من طريق عطاف بن خالد - وهو صدوق يهم - عن صديق (ابن حجر: فتح الباري 7/ 246 والتقريب 393).
وعطاف يرويها عن صديق بن موسى عن عبد الله بن الزبير (البداية والنهاية 3/ 200).
وأشار ابن حجر إلى تخريج الحاكم لها من طريق إسحاق بن أبي طلحة عن أنس (فتح الباري 7/ 245) ولم أجده في طبعة المستدرك (وإسحق ثقة كما في التقريب) وإسناد الحاكم في البداية والنهاية 3/ 197 وهو سند ضعيف فيه إبراهيم بن صرمة شيخ يعتبر بحديثه ومحمد بن سليمان لا يعرف حاله.
وأخرجها ابن سعد بسند فيه الواقدي (الطبقات 1/ 236 - 237) وبسند معضل (1/ 237).
وأخرجها البيهقي كما في البداية والنهاية 3/ 200 من طريق سعيد بن منصور نفسه وفيه عطاف ابن خالد، ويعتضد حديث عبد الله بن الزبير بحديث أنس فيرقي إلى الحسن لغيره.

الصفحة 219