كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

الأذخر" (¬1).ولما استشهد مصعب بن عمير أخذ علي بن أبي طالب اللواء (¬2). وقد أشارت الآية الكريمة {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} (¬3) إلى قتل المسلمين للمشركين بإذن الله في هذه المرحلة من القتال.
فلما رأى الرماة هزيمة المشركين قالوا لعبد الله بن جبير: "الغنيمة الغنمية ظهر أصحابكم فما تنتظرون. فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة" (¬4). ثم انطلقوا يجمعون الغنائم.
وتبين رواية مرسلة للسدي ما حدث بعد نزول الرماة، فقد رأى خالد بن الوليد - وكان على خيالة المشركين - الفرصة سانحة ليقوم بالالتفاف حول المسلمين، ولما رأى المشركون ذلك عادوا إلى القتال من جديد (¬5). وأحاطوا بالمسلمين من جهتين، وفقد المسلمون مواقعهم الأولى، وأخذوا يقاتلون دون تخطيط، بل لم يعودوا يميزون بعضهم، فقد قتلوا اليمان - والد حذيفة بن اليمان - وهو شيخ كبير وابنه يصيح فيهم: أبي. فأجهزوا عليه فقال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين (¬6)!!
ولم ينفع بأس المسلمين وحرارة قتالهم ما دام لا تحكمه خطة منظمة، فأخذوا يتساقطون شهداء في الميدان وقد فقد المسلمون اتصالهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وشاع أنه قد قتل (¬7).
¬__________
(¬1) من وراية البخاري (فتح الباري 7/ 375) والإذخر: نبات معروف زكي الريح وإذا جف أبيض (المصباح / 1/ 245).
(¬2) تاريخ خليفة 67 من مرسل سعيد بن المسيب ومراسيله قوية.
(¬3) سورة آل عمران: آية 152، والحس: القتل.
(¬4) من رواية البخاري (فتح الباري 6/ 162).
(¬5) البداية والنهاية 4/ 23.
(¬6) الحاكم: المستدرك 3/ 202 وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي ومسند أحمد 4/ 2609 ط. شاكر.
(¬7) فتح الباري 7/ 361 من رواية البخاري.

الصفحة 385