كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

لابنة عبد الله بن عمرو والد جابر: لم تبكين؟! فما زالت الملائكة تظلله بأجنحتها حتى رفع (¬1).
وقد سمع رسول الله لأهل المدينة نحيبا وبكاء على قتلاهم، فقال: لكن حمزة لا بواكي له. فبكته نسوة الأنصار، فقال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً ونهاهن عن النياحة أشد ما يكون النهي (¬2). وبذلك حرمت النياحة على الميت إلى الأبد ولم يؤذن إلا بدمع العيون.
وقد نزل في شهداء أحد قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (¬3)، وقال الجمهور: إن الشهداء أحياء حياة محققة وإن أرواحهم في أجواف طير خضر، وإنهم يرزقون في الجنة ويأكلون ويتنعمون (¬4). وكذلك نزلت آيات القرآن الكريم تمسح جراحات المسلمين، وتزيل عنهم آثار أحد: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬5).
{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (¬6).
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (¬7).
وكان المسلمون يواجهون في المدينة اليهود الشامتين والمنافقين االمرجفين ويواجهون في أطراف المدينة الأعراب المشركين الذين كانوا يتطلعون بشراهة إلى
¬__________
(¬1) صحيح مسلم 3/ 385.
(¬2) مسند أحمد 7/ 98 وقال ابن كثير: على شرط مسلم وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح ومستدرك الحاكم 1/ 381 وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وطبقات ابن سعد 3/ 16.
(¬3) أحمد: المسند 4/ 123 وأبو داؤد: السنن 3/ 15 والحاكم: المستدرك 3/ 88 وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي والآية من سورة آل عمران 169.
(¬4) الشوكاني: فتح القدير 1/ 399.
(¬5) سورة آل عمران، آية 139.
(¬6) و (¬7) سورة آل عمران: الآيتان 140 و 142.

الصفحة 396