كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

منهم ألف، وأسقط في يد جابر وأهله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بارك في البرمة فأكل منها الجميع حتى شبعوا وتركوا فيها الكثير، فأكل منه أهل جابر وأهدوا منه (¬1).
ومن معجزاته إخباره لعمار بن ياسر وهو يحفر بأمر غيبي حيث قال له: "تقتلك الفئة الباغية" فكان أن قتل في صفين (¬2).
وعندما واجهت الصحابة صخرة عجزوا عن كسرها أثناء الحفر ضربها الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث ضربات ففتتها وقال إثر الضربة الأولى: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة، ثم ضربها الثانية، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض، ثم ضرب الثالثة، وقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة (¬3).
وهكذا بشرهم بما سيكون من فتوح لهذه البلدان وهم محصورون في خندق يقرصهم البرد والجوع! فقال المؤمنون: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} (¬4) وأما المنافقون فقد سخروا من هذه البشارة وقالوا: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} (¬5). وموقف المنافقين كان يتسم بالجبن والإرجاف وتخذيل المؤمنين، وقد وردت روايات ضعيفة تحكي
¬__________
(¬1) صحيح البخاري 5/ 46، وصحيح مسلم 3/ 1610.
(¬2) صحيح مسلم 4/ 2235.
(¬3) من رواية أحمد والنسائي وقال الحافظ ابن حجر أن إسنادها حسن إلى البراء بن عازب - أحد شهود العيان - (فتح الباري 7/ 397) وأورده الطبراني (المعجم الكبير 11/ 376) وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد ونعيم العنبري (مجمع الزوائد 6/ 131)، وعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ثقة وأما نعيم فلم أقف على ترجمته. وانظر: مسند أحمد 4/ 303، وفي إسناده ميمون البصري ضعيف، ولكن قد حسن الحافظ ابن حجر هذا الإسناد.
(¬4) سورة الأحزاب: الآية (22).
(¬5) سورة الأحزاب: الآية (12).

الصفحة 423