كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله عز وجل قد قطع عيناً من المشركين وإلا تركناهم محروبين؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله خرجت عامراً لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه. قال: امضوا على اسم الله) (¬1). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الاستشارة لأصحابه.
وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه بعسفان صلاة الخوف، وذلك عندما علم بقرب خيل المشركين منهم (¬2)، فتكون أول صلاة خوف صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان في الحديبية (¬3). على رأي من أخّر غزوة ذات الرقاع إلى ما بعد خيبر وهو الصحيح (¬4). خلافاً لرأي ابن إسحق والواقدي ومن تبعهما (¬5)، لأن أبا موسى الأشعري وأبا هريرة قدما على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر وليس قبل ذلك التاريخ وقد اشتركا في غزوة ذات الرقاع (¬6)، فلزم أن تتأخر عن خيبر، ولزم أن تكون الصلاة بعسفان في الحديبية، إذ أعقبها الصلح ولم يجر قتال في مكة وما حولها حتى كان الفتح.
¬__________
(¬1) صحيح البخاري (الفتح حديث 4179) وقال "غدير الأشطاط" بدل "عسفان"، وهي قريبة منها (فتح الباري 5/ 334). إلا ما يتعلق بذكر خالد بن الوليد فهو من مسند أحمد 4/ 323 بإسناد حسن وقد صرح ابن إسحاق بالسماع في سيرة ابن هشام 3/ 308 وعن موقع كراع الغميم (البلادي: معجم المعالم الجغرافية ص 264).
(¬2) سنن أبي داؤد مع معالم السنن، كتاب الصلاة، ص 215 ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك 3/ 338) وصححه البيهقي وابن كثير (السنن الكبرى للبيهقي 3/ 257، وتفسير ابن كثير 1/ 548) وقال عنه ابن حجر: سند جيد (الاصابة 7/ 294) ولكن الحديث لم يحدد الغزوة وقد رجح ابن حجر انها غزوة الحديبية (فتح الباري 7/ 423) ويؤيده أن خالد بن الوليد ذكر وجوده قرب عسفان وكان ذلك في غزوة الحديبية.
(¬3) حافظ محمد الحكمي: مرويات غزوة الحديبية ص 115 - 133.
(¬4) صحيح البخاري (فتح الباري حديث رقم 4125، 4128) وابن القيم: زاد المعاد 3/ 253، وابن كثير. البداية والنهاية 4/ 83، وابن حجر: فتح الباري 7/ 419 - 420.
(¬5) سيرة ابن هشام 3/ 203، 304 ومغازي الواقدي 1/ 396.
(¬6) فتح الباري حديث رقم 4128، 4233؛ وسنن أبي داؤد مع معالم السنن، كتاب الصلاة. ص 1240، 1241، ومسند أحمد 2/ 345 بإسناد حسن.

الصفحة 437