كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (اسم الجزء: 2)
وقد نحر الرسول صلى الله عليه وسلم جملاً كان لأبي جهل غنمه المسلمون ببدر ليغيظ بذلك المشركين (¬1). وقد نحر الهدي في الحديبية في الحل (¬2)، لكن بعض الهدي دخل به ناجية بن جندب منطقة الحرم فنحره (¬3). وهكذا تحلل المسلمون من عمرتهم وشرع التحلل للمحصر وأنه لا يلزمه القضاء.
ثم شرع الناس في التهيؤ للعودة إلى المدينة، بعد أن أقاموا بالحديبية عشرين يوماً (¬4). واستغرقت رحلتهم ذهاباً وإياباً شهراً ونصف الشهر (¬5).
وفي غزوة الحديبية أذن النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة - وكان محرماً بالعمرة - أن يحلق رأسه لأذى أصابه على أن يقدَّم فديه؛ يذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستين مسكينا. وقد نزلت فيه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ
(¬6)} (¬7).
وفيها أذن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بالصلاة في منازلهم عندما نزلت المطر (¬8).
وفي الغزوة نماذج أخرى من تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم لمبدأ الشورى في الإسلام حيث استشار المسلمين في الإغارة على ذراري المشركين وأخذ برأي الصديق (رض) (¬9). واستشار أم سلمة في أمر الناس لما لم يبادر بالنحر والحلق حين أمرهم، وأخذ برأيها (¬10).
¬__________
(¬1) سنن أبي داؤد مع معالم السنن، كتاب المناسك 1749. وصحيح ابن خزيمة 4/ 286 - 287 والمستدرك للحاكم 1/ 467 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
(¬2) صحيح البخاري (الفتح حديث رقم 2701) وصحيح مسلم كتاب الجهاد والسير 97.
(¬3) الطحاوي: شرح معاني الآثار 2/ 242 بإسناد صحيح.
(¬4) والواقدي: مغازي 2/ 616 وابن سعد: الطبقات الكبرى 2/ 98.
(¬5) ابن سيد الناس: عيون الأثر 2/ 123 من رواية ابن عائذ.
(¬6) سورة البقرة: آية 196.
(¬7) صحيح البخاري (الفتح حديث رقم 1816، 1817، 1818، 4190). وصحيح مسلم، كتاب الحج 80، 82، 83، 84، 86).
(¬8) ابن ماجة: سنن، إقامة الصلاة 936 بإسناد صحيح، وصححه ابن حجر في فتح الباري 2/ 113.
(¬9) انظر ص 130.
(¬10) انظر ص 140.