كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (اسم الجزء: 2)
وتشميت العاطس مسموحا به ثم نهي عن الكلام في الصلاة بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة من المرحلة المكية (¬1).
وقد شرع قيام الليل بنزول سورة المزمل في المرحلة المكية {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} (¬2).
وفي المرحلة المكية شرعت الزكاة بمعناها العام، وهو الحث على الصدقات وإعطاء المحروم وإطعام المسكين دون تحديد للأنصبة والمقادير، فوصفت السور المكية المؤمنين بأنهم {لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} و {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} وأنه {حَقٌّ مَعْلُومٌ} (¬3). أما تحديد النصاب ومقادير الزكاة فقد شرع في سنة اثنتين من الهجرة (¬4).
وأما صلاة الجمعة فقد كانت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وقد تمكن المسلمون في المدينة من أدائها، فقد روى أبو داؤد بإسناد حسن قول كعب ابن مالك الأنصاري: "أول من جمع بنا أسعد بن زرارة في هزم البيت، في نقيع يقال له: نقيع الخضعات .. وقال كعب إنهم كانوا أربعين رجلا" (¬5).
لقد تأخرت بعض الفرائض التي اعتبرت من أركان الإسلام إلى المرحلة المدنية مثل الصوم والحج أما الصوم فقد كانت فرضيته يوم الاثنين لليلتين خلتا
¬__________
(¬1) البخاري: صحيح (فتح الباري 3/ 72 - 73 وابن القيم: زاد المعاد 2/ 118 - 119 وابن كثير: البداية والنهاية 3/ 92.
(¬2) المزمل: 1 - 8.
(¬3) أنظر سورة "المؤمنون" آية 1 - 4 وسورة الروم آية 39، وسورة الذاريات آية 15 - 19 وسورة المعارج آية 19 - 25.
(¬4) ابن كثير: البداية والنهاية 3/ 347.
(¬5) سنن أبي داؤد 1069 ومستدرك الحاكم 1/ 281 وسنن البيهقي 3/ 176 - 177 وقد صرح ابن إسحق بالتحديث عند الحاكم والبيهقي، وقال البيهقي: "وهذا حديث حسن الإسناد صحيح".