كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (اسم الجزء: 2)

سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فأنزل الله عز وجل {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ. رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (قال: نعم) رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا (قال: نعم) وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (قال: نعم) (¬1)
فهذا الحديث يفيد سرعة مبادرة الصحابة إلى الطاعة حتى عندما يجدون في التكليف مشقة. وقد عرف الله تعالى منهم حسن الطاعة فأثابهم بالتخفيف عنهم والتوسعة عليهم، كما قال ابن عباس رضي الله عنه عندما قرأ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} قال: هم المؤمنون وسَّعَ الله عليهم أمر دينهم فقال {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (¬2).
وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (¬3).
وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬4) (¬5).
وقد جاء في الحديث النبوي "أن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (¬6).
والحديث يوافق الآية {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} حيث استجاب الله تعالى لهم فقال: نعم كما في صحيح مسلم.
قال ابن كثير في معنى الدعاء في الآية: أي إن تركنا فرضا على جهة النسيان، أو فعلنا حراماً كذلك، أو أخطأنا الصواب في العمل جهلا منا بوجهه الشرعي" (¬7).
¬__________
(¬1) صحيح مسلم رقم الحديث 125. وقارن برواية سنن الترمذي رقم الحديث 2992.
(¬2) الحج:78.
(¬3) البقرة:185.
(¬4) التغابن:106.
(¬5) تفسير الطبري: 3/ 154.
(¬6) سنن ابن ماجة رقم الحديث 2045.
(¬7) تفسير ابن كثير 1/ 342 - 343.

الصفحة 665