كتاب الخلاصة في معرفة الحديث

الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يكره أن يُحدِّث في الطريق أو هو قائم أو مستعجل، فإن رَفَع أحدٌ صوته في مجلسه زَجَره، ويستحب له أن يُقبِل على الحاضرين كلهم ولا يسرد الحديث سَرْدًا، يمنع السامع من إدراك بعضه وليفتح مجلسه بقراءة قارئ حسن الصوت، فإذا فرغ استنصت المستملي أهلَ المجلس ثم الشيخ يُبَسمِل ويدعو ويقول: الحمد لله رب العالمين أكمل الحمد على كل حال، والصلاة والسلام الأَتمَّان على سيد المرسلين، كلما ذكره الذاكرون، وكُلَّما غفل عنه الغافلون، اللهم صلِّ عليه وعلى آله وسائر النبيين، وآل كلٍّ وسائرِ الصالحين، نهايةَ ما ينبغي أن يسأله السائلون.
ويستحب له الثناء على شيخه في حالة الرواية عنه بما هو أهل له فقد فعل ذلك غير واحد من السلف.
ولا بأس أن يذكره بما يُعرَفُ به من لقبٍ أو نسبةٍ، ولو إلى أُمٍّ أو صنعة أو وصفٍ في بدنه.
وحَسَنٌ أن يجمع في إملائه جمعًا من شيوخه، مُقدِّمًا أفضلهم ويُملي عن كل شيخ حديثًا، ويختار ما علا سنده وقَصُر متنه، ويُنبِّه على ما فيه من علوٍ وفائدةٍ وضبط مشكل.
ويتجنب ما لا يحتمله عقول الحاضرين، أو يخاف عليهم الوهم في فَهمه ويستحب أن يتخذ مُستمليًا مُحصِّلاً مُتيقظًا، يُبلِّغ عنه إذا كثر الجمع ويستملي مُرتفعًا على مكانٍ، كالكرسي ونحوه، وإلا قائمًا.
وعليه تبليغ لفظه على وجهه، ثم يختم إملاءه بشيء من الحكايات

الصفحة 169