كتاب الدر الثمين والمورد المعين

إتصافه بصفات الكمال والجلال أوفصل اللسان أعني ذكر مايدل عليه أوفعل الجوارح وهو الاتيان بأفعال دالة على ذلك والشكر كذلك ليس قول القائل والشكر لله بل هو صرف العبد جميع ماأنعم الله به عليه من السمع والبصر وغيرهما إلى ماخلق له وأعطاه لأجله كصرفه النظر إلى مطالعة مصنوعاته والسمع إلى تلقي ماينبىء عن مرضاته والاجتناب عن منهياته وعلى هذا يكون الحمد أعم من الشكر مطلقاً لعموم النعمة الواصلة إلى الحامد وغيره واختصاص الشكر بمايصل إلى الشاكر اهـ قال السيد وذلك لأن المنعم المذكور في تعريف الحمد العرفي مطلق لم يقيد بكونه منعماً على الحامد أوغيره فيتنا ولها بخلاف الشكر إذ قد اعتبر فيه منعم مخصوص وهو الله سبحانه ونعمة واصلة إلى عبده الشاكر ولكون الحمد أعم من الشكر وجه ثان وهو أن فعل القلب واللسان وحده مثلاً قد يكون حمد وليس بشكر أصلا إذا قد اعتبر فيه شمول الآلات ووجه ثالث وهو أن الشكر بهذا المعنى لايعلق بغيره تعالى بخلاف الحمد اهـ وعبارة الشيخ

خالد الأزهري في شرح التوضيح فالشكر أخص مطلقاً لاختصاص تعلقه بالباري تعالى ولتقييده بكون المنعم منعماً على الشاكر ولو جرب شمول الآلات فيه بخلاف الحمد اهـ وقال الإمام أبو حامد الغزالي في الإحياء إن عمل الشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح فاستعمال نعم الله تعالى في طاعته والتوقى من الاستعانة بها على معصيته حتى أن شكر العينين أن يستر كل عيبٍ يراه لمسلم وشكر الأذنين أن يستر كل عيب يسمعه فيدخل هذا في جملة شكر نعمة هذه الأعضاء والشكر باللسان إظهار الرضا عن الله تعالى وماهو مأمور به اهـ والله الموفق والله قال البيضاوي أصله إله فحذفت الهمزة وعوض عنها حرف التعريف ثم جعل علماً على الذات الواجب الوجود الخالق للعالم وإنما لم يقل الحمد للخالق أوللرازق أونحوهما لئلا يوهم ذلك أن استحقاقه اختصاص الحمد إنما هو لوصف دون وصف وقدم الحمد على اسم الجلالة لاقتضاء المقام مزيد اهتمام به وإن كان ذكر الله أهم في نفسه ومعنى جملة الحمد الخبر عن الله تعالى باستحقاقه الإنصاف بكل جميلٍ فهو حمد في المعنى وزادت بمزية التصريح بلفظ الحمد مع التعميم في أوصافه تعالى وإفادة اختصاصه به ولفظها خبر ومعناها الإنشاء قال الإمام الطبري في تفسير الفاتحة الحمد

الصفحة 11