كتاب الدر الثمين والمورد المعين

مفعول ثانٍ لعلم والذي كلفنا به من العلوم هوالعلم الواجب على الأعيان أي على كل مكلف وهو علم المكلف مالايتأتى له تأدية ما وجب عليه إلا به وذلك مثل كيفية الوضوء والصلاة والصيام والزكاة إن كان له مال والحج إن كان مستطيعا وكذا مايتعلق بالمعتقدات في حقه تعالى وفي حق رسله عليهم الصلاة والسلام وهل يكفي في ذلك التقليد وهو اتباع الغيرمن غير دليل أولايكفي إلا العلم وهو الجزم المطابق عن دليل في ذلك خلاف يأتي إن شاء الله تعالى وكذا حكم البيع لمن يتعاطاه والقراض والشركة والإجارة ونحوها لمن يتعاطى ذلك فيجب على كل أحد تعلم حكم مايريد أن يفعله من ذلك الاجماع أنه لايجوز لأحد أن يقدم على أمرٍ حتى يعلم حكم الله فيه لكن يكفيه في غير العبادات تعلم الحكم بوجه إجمالي فيبرئه من الجهل بأصل حكمه على قدر وسعه وكذا علم أمراض القلوب كالكبر والحسد والحقد ونحوها فقد قال الإمام أبو حامد الغزالي إن معرفة حدودها وأسبابها وعلاجها فرض عين وقال غيره إن رزق الإنسان قلباً سليماً

من هذه الأمراض المحرمة كفاه ولايلزمه تعلم دوائها وماعدا ماذكر فهو فرض كفاية يحمله من قام به قال في الرسالة وكذلك طلب العلم فريضةً عامةً يحملهامن قام بهاإلا مايلزم الرجل في خاصة نفسه أي فهو فرض عين ونظر شرح الجزولي في هذا المحل فقد أجاد فيه على عادته وانظر شرح القلشاني قبل قوله وقد جاء أن يؤمروا بالصلاة لسبع سنين ويأتي الكلام في ذلك عند قوله في التصوف:

ويوقف الأمور حتي يعلما
ماالله فيهن به قد حكما

وعلى العلم الواجب على الأعيان حمل خبر (طلب فريضة على كل مسلمٍ) قال الإمام محي الدين النووي هذا الحديث إن لم يكن ثابتاً فمعناه صحيح ويحتمل أن يريد الناظم الذي كلفنا من العلوم العلم الواجب على الأعيان والكفاية معاً فإن علم الكفاية يخاطب به أيضاً كل أحد على خلاف يأتي ذكره إلا أنه يسقط بقيام البعض به والناظم رحمه الله ممن علمه الله علم الكفاية وعلم الأعيان وسيأتي الكلام على الواجب علماً أوعملاً وتقسيمه إلى كفاية وعين والسر في ذلك عند كلام الناظم عليه إن شاء الله قوله البيت فاعل صلى وسلم يعود على الله تعالى ولفظه وإن

الصفحة 13