كتاب الدر الثمين والمورد المعين

أبصارهم ويحفظوا فروجهم} فقرن الأمر بغض البصر مع الأمر بحفظ الفرج وهو في الأخير للوجوب باجماع وأتى بمن الدالة على التبعيض ليبقى جواز النظر إلى الزوجات ونحوها إذ لو قال يغضوا أبصارهم للزم غض البصر مطلقاً حتى لا يرى الإنسان أين يمشي، وأما السنة فقول صلى الله عليه وسلم العينان تزنيان وزناهما النظر والإجماع على تحريم النظر إلى المحارم وهي النساء والمراد من الصبيان على جهة الالتذاذ وإلى ما يكره مالكه أن ينظر له فيه من الكتب والأمتعة ونحوها وإلى الملاهي الملهية على أحد القولين والقول الآخر بالكراهة فقط ومن المحرم أيضاً النظر في عورات النساء وعيوبهن والنظر إلى أخيه المسلم بعين الاحتقار والازدراء وانظر هل مما نحن بصدده من نظر العين أو هما من
عمل القلب وهو الظاهر إذ لا يحتاج إلى العين في تلك الرسالة وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج ومفهومه أن في الثانية الحرج وكذا في الأولى بتعمد وقد روي عنه أنه قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لا تتبع النظرة النظرة فإن النظرة الأولى لك والثانية عليك قيل معناه لا تتبع نظر عينيك نظر قلبك وقيل معناه لا تتبع النظرة الأولى الواقعة سهواً بالنظرة الثانية التي وقعت عمداً وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه العيون مصائد الشيطان، وقال بعض الحكماء من أرسل طرفه استدعى حتفه، وجاء في قوله تعالى {يعلم خائنة الاعين} أنها النظرة الثانية {وما تخفي الصدور} قيل الأولى
(فرع) من تابع التفكير اختياراً فهو كمتعمد النظر ومن دفعه من قبله ما استطاع ولم يندفع لما كلف به مما ليس في مقدوره ولا بسبب له فيه فلا شيء عليه فيه
(فرع) يجوز النظر إلى المرأة المتجالة وهي الكبيرة التي لا أرب للرجال فيها مشتقة من التجلي وهو الظهور ولا تحجب لانقطاع أربها من النكاح وانظر هل هذا لكل أحد وإنما يباح النظر إليها لمن لا يتهم أن يتعلق بها قلبه كالشاب وأما الشيخ فلا يجوز له النظر إليها إذ قد يتشوف إليها وقد جاء عن أبي حنيفة لكل ساقطة لاقطة ويدل على

الصفحة 556