كتاب الدر الثمين والمورد المعين

العبد وهو أشد الجوارح السبعة وروي أنه ما من صباح إلا والجوارح تشكو به وتقول ناشدناك الله إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا وخطر اللسان عظيم لا يسلم منه إلا بالصمت ولذلك مدحه وحث عليه فقال «من صمت نجا» وقال «الصمت حكم وقليل فاعله» وقال «من تكفل لي ما بين لحييه ضمنت له على الله الجنة» وقال ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ما من شيء أحوج إلى طول السجن من اللسان وروي عنه أنه قال لساني سبع إن أطلقته أكلني. وحقيقة الكذب الاخبار عن الشيء على غير ما هو عليه والصدق ضده والشك في الحديث كالكذب فيه قال مالك من حدث بكل ما سمع فهو كاذب فينبغي أن لا يحدث الانسان إلا بما علمه قطعاً أو سمعه أو نقل إليه نقلاً متواتراً ثم إن كان الكذب سهواً فلا إثم فيه ولا حرج لقوله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وإن كان عمداً فهو محرم باجماع، في الجملة وإن كان تعرض له أحكام الشريعة الخمسة باعتبار متعلقاته والدليل على تحريمه في الجملة الكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقوله تعالى {ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم «ثلاث من كن فيه فهو منافق من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان» ومعناه منافق في العمل لا في الاعتقاد وقال أيضاً إياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً وعليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن

الصفحة 560