كتاب الدر الثمين والمورد المعين

الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً إلى غير ذلك مما ورد والاجماع على أن الكذب محرم فمن أباحه استفسر فإن أباح ما هو حرام منه فإنه يستناب ثلاثاً فإن تاب وإلا قتل فحكمه في الجملة التحريم ثم قد يكون واجباً مثل أن يكذب لإنقاذ نفس أو مال كما إذا هرب الإنسان من ظالم إلى جهة فيسألك عنه فتقول له جاز يميناً وهو على الشمال فالكذب في هذا واجب يؤجر عليه فإن صدق أثم وعليه أن يحلف إذا طلب منه اليمين ويلغز بيمينه ولا يلزمه الطلاق إن حلف واللغز أن ينوي في يمينه طلاق الدابة من وثاقها أو الحجر من الأعلى إلى الأسفل واختلف إذا حلف ولم يلغز في يمينه هل يلزمه الطلاق أم لا على قولين سببهما هل هو كالمكره أم لا، ويكون حراماً وهو الكثير فيه كالكذب لقطع حق مخلوق أو على وجه المزاح للانبساط وكلاهما حرام والأول أشد من الثاني والتوبة من الأول الاستحلال من المظالم والنية أن لا يعود ومن الثاني الندم والنية أن لا يعود ويكون مستحباً وهو الكذب على الكفار بأن يقول لهم إن المسلمين تهيئوا للقائكم بكثرة العدد وتأمر عليهم البطل فلان ونحو ذلك ويكون مكروهاً وهو الكذب للزوجة ومباحاً وهو الكذب للاصلاح بين المسلمين إذا وقعت بينهم شحناء وقيل في هذا إنه مندوب قال والعرض على الضيف بغير جد حرام من وجهين أحدهما أنه أطعمه الحرام والثاني كذب من غير منفعة وانظر هل يجوز التعريض بالكذب كما روي عن اللخمي أنه إذا أتاه من يكره رؤيته يقول لجاريته قولي له انظره في المسجد وروي عن الشعبي أنه كان إذا أتاه من يكره رؤيته يقول لجاريته اجعلي اصبعك في وسط دائرة وقولي له ليس هو هنا فأباح هذا وكره التصريح قال أبو حامد وتباح المعاريض تخفيفاً كقوله
عليه السلام «لا تدخل الجنة عجوز» وقوله في عين زوجك بياض لأن هذه الكلمة أوهمت خلاف المراد فيباح هذا مع النساء والصبيان لتطيب قلوبهم بالمزاح ومن يتمتع من أكل الطعام فلا ينبغي أن يكذب ويقول لا أشتهي شيئاً إذا كان يشتهي بل يعدل إلى المعاريض وقد قال لامرأة قالت ذلك «لا تجمعي بين كذب وجوع» والزور أيضاً وهو الإخبار

الصفحة 561