كتاب الدر الثمين والمورد المعين

وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا نفذت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم طرح في النار» أخرجه مسلم عن أبي هريرة، وقال «من اغتيب أخوه بمحضره فنصره نصره الله في الدنيا والآخرة وإن لم ينصره أذله الله في الدنيا والآخرة» وقال ابن المبارك «لو كنت ممن يغتاب الناس لاغتبت أبوي فإنهما أحق بحسناتي» وروى عن الحسن أنه بلغه أن رجلاً اغتابه فأهدى له طبقاً من رطب فقيل له في ذلك فقال بلغني أنه أهدى إلي حسناته وهي أحب ما عنده فأهديت له أحب ما عندي وقال مالك رضي الله عنه أدركت أناساً بالمدينة لا عيوب لهم فاشتغلوا بعيوب الناس فأحدث الناس لهم عيوباًوأدركت أناس بالمدينة لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فسكت الناس عن عيوبهم، ثم قال: وأشد الغيبة غيبة القراء لأنها تجمع بين الغيبة وتزكية النفس والنفاق وكلها حرام كأن يقول أصلح الله فلاناً لقد أساء فيما جرى له فيظهر من نفسه الدعاء له ويقول بلسانه ما ليس في قلبه لأن مراده أن يسمع الناس قبحه وإلا دعا له سراً أو كتم معصيته أو يقول الحمد لله الذي لم يبتلنا بالدخول على السلطان لطلب الدنيا وهو يعرض بغيره/ الشيخ: ومن الغيبة أن يقول: السدراتي فعل كذا لأن ذلك تكرهه قبيلته فلو قال: كان فلان يفعل كذا وكذا ففي كونه غيبة قولان والمستمع للغيبة شريك للمتكلم بها فيجب على من سمعها أن يقوم من ذلك الموضع الذي سمعها فيه إن أمكنه ذلك وإن لم يمكنه نهاهم عن ذلك بقول غليظ مظهراً في وجهه ذلك فإن انتهوا فهو المطلوب وإلا أبغضهم في قلبه وكذبهم لأنهم فساق فإن قال لهم دعوا غيبة الناس ومقصوده إظهار الورع فلا يخرجه ذلك عن الغيبة قال بعض العلماء الغيبة فاكهة القراء ومزبلة الأتقياء ومراتع النساء وتباح الغيبة في مواضع عند السلطان لدفع ظلم والشكاية به فيذكر للسلطان أمره وما فعل له أما عند غيره ممن لا قدرة له على الدفع فلا، وعند الاستغاثة على تغير المنكر ورد الظالم عن ظلمه بمن له قدرة على ذلك أيضاً وعند المفتي كقول هند رضي الله عنهما للنبي إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، وعند التحذير من مصاهرة أو شركة أو مجاورة وعند التعريف به فيذكر عدالته أو جرحته ويدخل في ذلك دعاء من عرف باسم فيه عيب بذلك الاسم

الصفحة 563