كتاب الدر الثمين والمورد المعين

آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} وأن ينهاه عن ذلك لأنه من باب النهي عن المنكر وأن يبغضه في الله تعالى لأن الله تعالى يبغض النمام والحب في الله والبغض في الله من الإيمان وأن لا يفحص عن حقيقة ما قاله له لقوله تعالى {ولا تجسسوا} وهذا تجسس وأن لا يعاقب بذلك المنقول عنه لأن في ذلك نميمة/ الشيخ: فكيف يحب الانسان ويعتقد أنه ناصح له كما هو في زماننا من ينقل إليه ما يكره ويوجب عليه خمس مسائل كما تقدم، وقد روي عن بعض الصالحين أنه دخل عليه رجل فقال له: ان فلاناً قال فيك كذا وكذا فقال له يا هذا طالت غيبتك عني وألزمتني ثلاثة أشياء شوشتني وشغلت خاطري بعد أن كان فارغاً وبغضت إلي أخي بعد أن كان حبيبي وأدخلتني الشك فيك بعد أن كنت عندي مأموناً
الشيخ: النميمة أشد من الغيبة لأن فيها الغيبة وزيادة كذلك يحرم أنواع سائر الباطل ككثرة المزاح لأنه يؤدى إلى ذهاب الهيبة والوقار ولذا قال بعض الحكماء لا تمازح الشريف فيحرقك ولا الدنيء فيتجاسر عليك ومن الباطل تزكية الانسان نفسه وذم الطعام بل إن أعجبه أكله وإلا تركه واللعنة فلا يجوز لعن إنسان معين وإن كان كافراً وأما لعن الجنس فيجوز لخبر لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده وقد ذكر الامام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه من أنواع الباطل المتعلقة باللسان عشرين آفة
الأولى الكلام فيما لا يعني وهو ما لا يعود على الانسان منفعة لا في دنياه ولا في آخرته ولذا قيل إن العاقل لا ينبغي له أن يرى إلا ساعيا في تحصيل حسنة لمعاده أو درهم لمعاشه، وقال بعض الحكماء من اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يغنيه
والثانية فضول الكلام كتكرار ما لا فائدة في تكراره والاتيان بالألفاظ المستغنى عنها وذكر الله في غير محل التعظيم كقوله الهم أخر هذا الكلب أو الحمار وفضول الكلام لا تنحصر بل المهم محصور في قوله تعالى لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف
والثالثة الخوض في الباطل مثل حكايات أحوال النساء ومجالس أهل الخمر ومقامات

الصفحة 565